آراءموضوعات رئيسية
نحن والانتخابات الفرنسية/ اسيا العتروس
هناك شيء يستوقف المتتبع لمسار الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تاتي في ظل الكثير من الاحداث الاقليمية والدولية التي تلقي بظلاها على هذا الموسم الانتخابي , ولعل أول وأهم تلك الاحداث ما يتعلق بالتطورات المتسارعة و الخطيرة للحرب الروسية في اوكرانيا التي اهتزت لها اوروبا بأكملها ..و سيكون من المهم انتظار نهاية هذا اليوم لفهم نوايا الناخب الفرنسي في هذا السباق الى الاليزيه و مدى الاقبال على صناديق الاقتراع لحسم الاختيار بشأن الرئيس الفرنسي القادم و ما اذا سيكون الامر لصالح الرئيس المنتهية ولايته ايمانويل ماكرون كما ترجح ذلك اغلب استطلاعات الرأي او لاحد من منافسيع الاحد عشر ..و الرقم ايضا له دلالاته وأهميته في هذا السباق والاكيد ان في اقتصار التنافس على هذا العدد لاختيار الرئيس الفرنسي ما يحيلنا الى قاعدة ال500 توقيع التي تعود الى 1976 و قبل ذلك كان المطلوب توفير مائة توقيع و لكن قائمة المترشحين في انتخابات 1974 فرضت تغيير قواعد اللعبة و الحد من عدد المتنافسين وفق قاعدة الخمس مائة توقيع والتي يمكن اعتبارها باول اختبار سيتعين على كل مترشح ان يكسبه قبل كسب ثقة و دعم ناخبيه ..و قاعدة التوقيعات مسألة ليست بالهينة فهي من جانب أول تجنب الناخبين التعاطي مع عدد كبير من المترشحين دون قدرة على الاختيار بينهم بما يشتت اصوات الناخبين وربما يساعد في ظهور و بروز الاقل امتلاكا لقدرات وامكانيات القيادة و صعود الاقل كفاءة على حساب الاكثر كفاءة ..والامثلة عديدة وقد رأينا في اكثر من تجربة ديموقراطية ناشئة بما فيها تونس كيف تحولت الترشحات في الانتخابات الرئاسية الى سوق للمزايدات بين مرشحين و منهم من لم يكن يحلم يوما بالترشح لقيادة ناد للموسيقى..وهو ما يعني صراحة اهمية فرض و تحديد الشروط التي يتعين توفرها في كل مترشح لسباق الانتخابات الرئاسية والتي يفترض أن تكون شروطا دقيقة تحددها لجنة مختصة يعود لها غربلة الترشحات على قاعدة الكفاءة العلمية و الخبرة و النزاهة و كل ما يمكن ان يجسد خصوصيات الزعيم و القائد الذي يمكن ان يجمع ولا يفرق وان يضمن تقدم المجتمع نحو الافضل و يكون في موقع افضل من يمثل الوطن في الخارج لدى الشركاء و الاصدقاء والحلفاء و حتى من هم دون ذلك ..
وبالعودة الى قاعدة التوقيعات الفرنسية التي تحتاج من المرشح الفوز بدعم خمس مائة
من النواب المنتخبين و بدون ذلك يصبح ترشحهم مستحيلا.
صحيح ان هناك الكثيرين مازالوا يعتبرون هذه القاعدة معادية للديموقراطية و تقف دون تمكن المترشحين الصغار من دخول السباق و لكن الاكيد ان تقييد عملية الترشح مسألة ضرورية حتى لا تتحول الى عملية تهريج ..و تبقي عملية التاكد من مصداقية التوقيعات مسألة لا تخل من الاهمية و سيكون من المهم نشرها و التعاطي معها بشفافية مطلقة حتى يكون بامكان محاسبة كل من يجرأ على التلاعب بالتوقيعات والارجح ايضا انه عندما يكون التعاطي مع عدد محدود من التوقيعات يختلف عما يمكن ان يكون عليه عندما يتعلق الامر بالاف التوقيعات التي قد لا يكون بالامكان التثبت من مصداقيتها ..
وفي انتظار ما ستؤول اليه نتائج هذه الجولة الاولى من الانتخابات الفرنسية يبقى التشويق سيد المشهد في الانتخابات الرئاسية الفرنسية و في تحديد موقع فرنسا من التحولات المتسارعة لا سيما في خضم الازمة مع روسيا على خلفية الحرب في اوكرانيا و ما سيكون عليه الدور الاوربي في النظام العالمي الجديد الذي لم يتضح بعد ..
وحتى هذه المرحلة يبدو ان الرئيس ماكرون بدأ يستشعر خطر التاخر في اعلان حملته الانتخابية بعد تقدم منافسته اليمينية مارين لوبان التي تحاول الوصول الى الاليزيه و تقديم نفسها على انها المدافعة عن الفقراء و و اعتماد خطابها اليميني المتطرف بمعاداة العرب و المغاربة و الافارقة لكن ايضا و هنا موطن رهان لوبان الحريصة على غلق الابواب امام المهاجرين و ترحيلهم و اعادة فرنسا الى الفرنسيين ..في المقابل يبدو ماكرون اكثر ثقة في دوره كزعيم خبر من موقعه مسؤولية القيادة في زمن الجائحة و في زمن الحرب و تداعياتها الخطيرة ..و لكن يبقى للناخبين الكلمة الاخيرة في تحديد مصير المترشحين لا سيما المترددون منهم ممن لم يحسموا امرهم في اختيار مرشحهم في انتخابات لا يبدو انها تحظى باهتمام الناخبين و فيما يبقى العزوف عن المشاركة اكثر ما يخيف الطبقة السياسية بكل مكوناتها ..لم يسبق ان حسمت السياسة الدولية و الازمات الخارجية سباقا انتخابيا فاهتمامات الناخبين مهما كانت نسبة المشاركة تبدأ من جيب المواطن و الضرائب و تطلعاته من اجل حياة افضل مهما.
كاتبة تونسية
المصدر رأي اليوم