حكم تعليق الأحراز والرقى بالقرآن وأسماء الله الحسنى والدعاء( 2 )/ محمد عبد الرحمن عبدي
وفي الذخيرة للقرافي(القرافي في الذخيرة ج13 ض 311-327) الِاسْتِشْفَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالْفُقَهَاءِ جَوَازُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَفْصِدَ خَوْفَ ضَرَرِ الدَّمِ قَبْلَ الْمَرَضِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ قَبْلَ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا بِالدُّعَاءِ وَالْحِرْزِ وَقيل فِي قَوْله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – لَا تُقَلِّدُوا الْخَيْلَ الْأَوْتَارَ مَعْنَاهُ لَا تَرْكَبُوهَا فِي الثَّأْرِ وَطَلَبِ الْفِتَنِ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْجَرَسَ لِصَوْتِهِ وَقَالَ هُوَ أَشَدُّ وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْعَوْذَةِ فِيهَا الْقُرْآن
وفي القوانين الفقهية لابن جزي(القوانين الفقهية لابن جزي ص 295) يجوز تَعْلِيق التمائم وَهِي العوذة الَّتِي تعلق على الْمَرِيض وَالصبيان وفيهَا الْقُرْآن وَذكر الله تَعَالَى إِذا خرز عَلَيْهَا جلد وَلَا خير فِي ربطها بالخيوط هَكَذَا نقل الْقَرَافِيّ وَيجوز تَعْلِيقهَا على الْمَرِيض وَالصَّحِيح خوفًا من الْمَرَض وَالْعين عِنْد الْجُمْهُور وَقَالَ قوم لَا يعلقها الصَّحِيح وَأما الحروز الَّتِي تكْتب بخواتم وَكِتَابَة غير عَرَبِيَّة فَلَا يتجوز لمريض وَلَا لصحيح لِأَن ذَلِك الَّذِي فِيهَا يحْتَمل أَن يكون كفرا أَو سحرًا
ونص العلامة خليل في مختصره الذي به الفتوى في المذهب المالكي – وليس مذهب الشيعة كما تزعم الوهابية – على جواز تعليق الحرز المشتمل على القرآن والحديث والدعاء فقال” وحرز بساتر وإن لحائض” قال العبدري في شرحه التاج والإكليل “وحرز بساتر وإن لحائض” سماع أشهب لا بأس بما تعلقه الحائض والحبلى والصبي من مرض أو عين، والخيل والبهائم كذلك.ابن رشد ظاهر قول مالك في هذه الرواية إجازة ذلك.. إلى أن يقول: وإنما شرط ذلك أي الحرز أن يكون في طهر من قصبة حديد وشبه ذلك صيانة من أن تصيبه نجاسة.ومن ابن يونس قال مالك لا بأس أن يعلق على النفساء والمريض الشيء من القرآن إذا خرز عليه جلدا وكان في قصبة. وانظر تعليق هذا الحرز هل في حال المرض أو يجوز للصحيح ليدفع ما يتوقع من مرض أوعين قال ابن رشد ذلك جائز مطلقا على ظاهر هذا السماع. قال الخرشي في شرحه لهذا النص قال الزرقاني في شرحه أيضا :(وحرز بساتر) يكنه فيه ويقيه من وصول أذى إليه. قال ابن غازي في شفاء الغليل في حل مقفل خليل : “وحرز بساتر، وإن لحائض”. قال مالك في سماع أشهب من كتاب الصلاة: لا بأس بما تعلقه الحائض والحبلى والصبي من القرآن، إن كان مما يكنه من قصبة حديد أو جلد يخرز عليه، ابن رشد: أجازه في المرض، وأما في الصحة لما يتوقع من مرض أوعين”. فظاهر هذه الرواية إجازته، وهو أولى بالصواب…، والخيل والبهائم كالآدمي. انتهى. وإطلاق المصنف يتناول المريض والصحيح كما صوب ابن رشد.
وفي حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني ( العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني ج2 ص492) (وَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاذَةِ) وَهِيَ التَّمَائِمُ وَالتَّمَائِمُ الْحُرُوزُ الَّتِي (تُعَلَّقُ) فِي الْعُنُقِ (وَفِيهَا الْقُرْآنُ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ وَالْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْبَهَائِمُ بَعْدَ جَعْلِهَا فِيمَا يُكِنُّهَا
وهذا هو الذي ترشد إليه وتدعو له نصوص كتاب الله في عموماتها وخصوصاتها ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاس قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ) ٥٧ يونس، (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارٗا) الإسراء ٨٢
(قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞ)(ۚ44) فصلت، والموافق كذلك لما تطفح به كتب الحديث من صحيح وصريح السنة، وما عليه إجماع علماء الأمة كما نفله ابن عبد البر في الاستذكار وابن حجر في الفتح، فالنبي صلى الله عليه وسلم رقى واسترقى، وكان يرقي، كان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرقي الْحسن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا فَيَقُول أُعِيذ كُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان