طريقة الإمام الجنيد تقوم على معايير صارمة في التقيد بنصوص الكتاب والسنة / سيدي محمد ولد محم
طريقة الإمام الجنيد رضوان الله تعالى عليه والتي يعود إليها تصوف أغلب أهل السنة والجماعة، وهي الطريقة المنتشرة في منطقة المغرب العربي وإليها يرجع سند كل الطرق ببلادنا باستثناء الطريقة الأحمدية التجانية، تقوم في جوهرها على معايير صارمة في التقيد بنصوص الكتاب والسنة، وعنها أخذت الطرق التي تعتمد سلم السالك ومقاماته في ترتيبها من مقام التوبة إلى مقام المحبة مرورا بمقامات الخدمة والتوكل والصدق والزهد والخرق والفرار عن النفس والفناء والسكر والمعرفة.
وكان من نهج الإمام الجنيد ضبط سلوك أصحابه وتلامذته حتى في حديثهم عن جوهر تصوفهم وما يصدر عنهم من اقوال محددا مستويات المتلقين ومدى قدراتهم على استيعاب مضامين كلام السالك كمعيار لا يجوز تجاوزه مطلقا، وهو التزام بنص الأثر في صحيح البخاري: حَدِّثـُوا النـَّاس بِمَـا يَعرِفُـونَ، أتُرِيـدُونَ أَن يَُكـَّذبَ اللُه ورَسـُولُه ؟»،
وقد أخذ على الإمام الشبلي إشاعته لأسرار التصوف بين العامة دون مراعاة لمستويات معارفهم قائلا: “نحن حَبّرنا هذا العلم تحبيرًا ووضعناه في السراديب فجئت أنت فنشرته على رؤوس الملأ”.
وهذه النخبوية في التلقي بناء على منزلة المتلقين ومقاماتهم ومدارجهم هي التي عناها الجنيد بقوله: “وَضعُه عند من يُحسن حَمله ولا يُضيعه”، وهي التي حفظت للطريقة نقاءها على تعدد أورادها ومريديها. أما غايتها القصوى فهي تربية الناس بضبط سلوكهم وتطهير قلوبهم سعيا بهم في مدارج الكمال الذي لا ينقطع إلى الله تعالى، وبالواسطة العظمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.