في حكم تعليق الأحراز والرقى بالقرآن / محمد عبد الرحمن عبدي
. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَال: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيفَ تَرَى ذَلِكَ؟ فَقَال: (اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ)).مسلم. عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – كَانُوا فِي سَفَرٍ فمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْياءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَال رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ. فَأَتَاهُمْ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطعًا مِنْ غَنَمٍ فَأَبى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَال: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَأَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ)، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا رَقَيتُ إِلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ! فَتَبَسَّمَ وَقَال: (مَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ). ثُمَّ قَال: خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ. وَفِي طَرِيقٍ أُخْرَى: فَجَعَلَ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ حَتَّى بَرَأَ الرَّجُلُوَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيضًا فِي هَذَا الحَدِيثِ قَال: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ لُدِغَ ، فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنا مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَاهُ غَنَمًا وَسَقَوْنَا لَبَنًا، فَقُلْنَا أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَقَال: مَا رَقَيتُهُ إلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. قَال: فَقُلْتُ: لا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَينَا النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: (مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا بِسَهْمِي مَعَكُمْ). فِي رِوَايَة: مَا كُنَّا نَأْبِنُهُ (4) بِرُقْيَةٍ. خرَّجه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيضًا؛ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَي فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَسَعَينَا لَهُ بِكُلِّ شَيءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيءٌ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَاللهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللهِ بَعَدَ أنْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالحُوهُمْ عَلَى قَطِع مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَيهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالمِينَ حَتَّى لَكَأَنمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَال: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمِ الَّذِي صَالحُوهُمْ عَلَيهِ، فَقَال بَعْضُهُمُ: اقْسِمُوا، فَقَال الَّذِيرَقَى: لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأتِيَ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا بِهِ، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَال: (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ -ثُمَّ قَال-: أَصَبْتُمُ، اقْتَسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ). وفي طريق: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وَقَال: (مَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍوخرَّجه في صحيحه البخاري في “الطب” أَيضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عبَّاسٍ، وقَال فِيهِ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، فَقَال رَسُلُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ)). وفي بعض طرقه أَيضًا: فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا مسلم. عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَال لَهُ رَسُول اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: (ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُل: باسْمِ اللهِ ثَلاثًا، وَقُلَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتهِ مِنْ شَر مَا أجِدُ وَأُحَاذِرُ)فإذا تمهد هذا وعرفت أن الله أمر بالاستعاذة وحض عليها في مواطن من كتابه العزيز فقال جل جلاله: (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)وقال جل من قائل: (فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) وفال((فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير) وقال((فاستعذ بالله إنه سميع عليم).وهكذا عمومات وخصوصات الكتاب والسنة صريحة في التعوذ والرقيا والتحصن والتبرك والاستشفاء بالله وبكتابه وبسنة نبيه بالأدعية المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم كما رأينا وذلك في عموم وماهية الاستشفاء بتناوله في حكمه هذا جميع أجزاء الماهية سواء كانت قراءة أونفثا أو شرب ماء نفثت فيه أ وغسلت فيه وشرب أو كان تعليقه حرزا جعلت فيه، والمسألة مجمع عليها كما نقل الأئمة ابن عبد البر وابن الملقن وابن حجر بل ذهب مجدد االقرن الثامن أجل علماء إفريقية أبي عبد الله ابن عرفة على ان ما تكرر منه النفع ليس بسحر لأن كيد الشيطان كان ضعيفا. أما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تعليق الأحراز فليس فيه دليل على المنع ولا على الكراهة، فقد اتفق علماء الإسلام سلفا وخلفا شرقا وغربا على أن الترك ليس مسلكا للاستدلال بممفرده والأصل الإباحة كما هو معلوم والبقاء على الأصل هو الأصل.