تاريخ الرؤساء …(2)الحاكم بأمر نفسه/ أحمدفال امحمد آبه
..بعد خلع ولد عبد العزيز للسلطان سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ووضعه في الحبس، ثار عليه زعماء “قبائل” المعارضة، و تعاهدوا على ألا يتركوه يستبد بالأمر دونهم؛ إلا ما كان من أحمد ولد داداه ، فإنه قال كلاما لينا في بادئ الأمر، وبدا مهادنا للسلطان الجديد ، قبل أن يعدل عن رأيه فيما بعد، وينذر حياته لـ”المعارضة”.. و هاج الناس في نواكشوط، وكادت تحدث فتنة عظيمة.. وجرت أحداث و أمور كثيرة، أعرضنا عن ذكرها مخافة التطويل.ثم تواضع الفريقان إلى الصلح، واتفقا على التفاوض، وتغليب صالح العباد والبلاد، وذلك بعد “شفاعة” السلطان الراحل معمر القذافي، ملك برقة وطرابلس الغرب. و زار القذافي نواكشوط لـ 11 يوما خلت من مارس عام 2009، و أقيم له استقبال عظيم، وجُمع له الناس في “الملعب الأولمبي” و أَمّهُم في صلاة المغرب، بحضور السلطان ولد عبد العزيز، وأغلب زعماء المعارضة و أعيان البلاد، وكان يوما مشهودا.
ويذكر الرواة أن الشيخ محمد ولد سيدي يحيى قال في أحد دروسه إنه سمع عن “صلاة الخوف”، لكنه لم ير “صلاة الطمع”، قبل ذلك اليوم.. كما نقل عن زعيم في إحدى “قبائل” المعارضة، بعد ذلك، أنه قال إنه صلى يومها دون وضوء !! ثم في يونيو من عام 2009، توسط السلطان عبد الله واد، ملك السنغال، للصلح بين ولد عبد العزيز و زعماء “قبائل” المعارضة، بعد أن فشلت وساطة القذافي.. فأرسل كل طرف ممثلين عنه إلى داكار للتفاوض، وجرت أمور كثيرة، أفضت في النهاية إلى اتفاق الفريقين على “الاحتكام” إلى “العامة” لتختار من بينهم سلطانا..
و داكار مدينة جميلة على شاطئ بحر الظلمات، وهي حاضرة السنغال، وبينها وبين نواكشوط مسيرة 12 يوما للراكب المخف ، ومسيرة “ساعة واحدة” في الطيارة.. و يرى مؤرخون أن “اتفاق” داكار كان البداية الفعلية لترسيخ سلطان ولد عبد العزيز، حيث إن “العامة” في موريتانيا لا تختار عادة إلا صاحب “النفوذ و المال”، و ولد عبد العزيز كان حينها يجمع بين الأمرين معا، فقد والاه كبار التجار و قادة الجند، على اختلاف رتبهم .. وفي هذه السنة، أي 2009، توفي عالم المصر و إمام العصر بداه ولد البوصيري، وذلك لسبع خلون من مايو، وقبله بأيام قليلة توفي العلامة الأكبر محمد سالم ولد عدود، رحمهما الله تعالى .. وفيها أعلن السلطان قطع العلاقات مع “إسرائيل ” وطرد سفيرها من نواكشوط ، وهذه من حسناته العظيمة ، فجزاه الله خيرا. و “إسرائيل” مملكة أقامها الفرنجة لليهود على جزء من أرض فلسطين (يضم مدينة القدس و يافا وحيفا و الجليل.. وبلدات أخرى كثيرة ) عام 1948.وفيها أيضا، أي 2009، أمر السلطان بـ”تخطيط” مدينة نواكشوط، و شق الطرقات، و”ترحيل” السكان من “الگژرات” إلى أماكن أخرى في أطراف المدينة.. و “المگژور” في كلام البيظان هو “المأخوذ بغير حق”، وما أكثره في موريتانيا !!.وكان ولد عبد العزيز قد تلقب في بداية عهده بـ”رئيس الفقراء”، و أظهر ميلا كبيرا إلى الضعفاء والمحتاجين، وتعهد بإصلاح ما أفسدته بطانة السلطان ولد الشيخ عبد الله و من قبله من السلاطين .. لكن ذلك لم يدم طويلا..
ولعشر بقين من ديسمبر عام 2009، أمر السلطان بالقبض على ثلاثة من كبار التجار في البلد، وأودعهم الحبس، متهما إياهم بـ”الفساد”؛ وهي حركة أثارت غضب بعض مناوئي السلطان، واتهموه باستغلال القضاء لمعاقبة خصومه.. وبعد أخذ ورد، و شفاعات، إحداها من العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، أطلق السلطان التجار الثلاثة، بعد أن ابتز منهم أموالا كثيرة، زعم أنها من “أموال المسلمين”، وقد أخذت من “بيت المال” بغير حق .. والله أعلم إن كانت ردت لـ”بيت المال” أم لا ..