بعضنا يقرأ الغلاف ويترك الرسالة/ المرتضى محمد أشفاق
..عبرت مرات عن رأيي في علاقة النص بصاحبه، وقلت إنه إذا أذن له بالخروج وأصبح بين أيدي القراء صاروا أحق بقراءته وتقييمه، ولا سلطان للكاتب على ذوق القارئ ورأيه..وبذلك تتعدد القراءات والتأويلات، وأحيانا تبتعد عما أراد صاحب النص، فتكتشف من جمالياته وثرائه وأفكاره ما لم يفكر فيه صاحبه أصلا…وأحيانا تنحرف به بعيدا عما أراد صاحبه، فيظلمه الذوق، ويحرف مقاصده..
والنص كما كتبت ليس جهازا مفككا يسترشد مركبوه بكتيب بيانات مصاحب، وليس علبة طلاء مرفقة بجدول يحدد المقادير..لكن يحدث أحيانا أن يشرد القراء إلى فهم بعيد كل البعد عن هدف النص وغاياته..كتبت مرة منشورا بعنوان:(رسالة إلى فتاة..عفوا إلى قناة..عفوا إلى قتات، إلى فتات)..اللافت للنظر هنا ظاهرة التكرار الصوتي والاختلاف في الرسم بين الكلمات:(فتاة-قناة-فُتات-قتات)، ولم يعر القراء هذا أي اهتمام، وانصرفوا عنه إلى أقواس أخرى مهمة لكنها استبدت بالاهتمام والفهم…
غابت قراءة أخرى تكشف إرادة السرقة العلمية، والاعتداء على أعمال الناس بالنسخ واللصق، ثم بالسرقة دون نسخ تام، فتلتبس على البعض كلمتا (قناة وفتاة)، والفرق بينهما نقطة واحدة، ثم ينزل مستوى الصعلكة العلمية إلى القاع فلا يضبط الفرق بين الصوت والصورة(فُتات، فَتاة، قتَّات، قَناة)، فهناك تشتابه في النطق، واختلاف في الضبط، فلا يميز الصعاليك الصغار بين (الفَتاة والفُتات، والقناة، والقتات)، والفروق في ثلاثة: النقطة، حركة الفاء، والتضعيف في التاء…فإن لم ينتبه القراء إلى هذا كان النص هذيان محموم، وتخاريف فاقد للذاكرة..