وسِّطوا!/ محمد فال بلال
من أجمل الحِكم والأقوال التي قيلت قديما: “ما زاد عن حده، انقلب إلى ضده”.
سمعت هذه العبارة وبقيت عالقة في ذهني منذ الصغر، وما زلت أكتشف حتى الآن مدى النظرة الثاقبة وراءها.
علمتني الحياة أن الشيء – مهما كان – إذا زاد عن حده، انقلب إلى ضده. مثلا: إذا زاد الولاء عن حده، انقلب إلى تقليد. وإذا زادت الحماسة عن حدها، انقلبت إلى تعصب. وإذا زادت النقمة عن حدها، انقلبت إلى حقد. وإذا زاد الاعتزاز بالنفس عن حده، انقلب إلى كِبر. وإذا زاد الاعتزاز بالعرق أو الفئة أو الشريحة عن حده، انقلب إلى عنصرية. وإذا زاد هامش الحرية عن حده، انقلب إلى فوضى. وإذا زاد الحرص على عدم الإسراف عن حده، انقلب إلى بخل. وإذا زاد الإنفاق عن حده انقلب إلى إسراف، إلخ..هذا الكلام ليس إشادة أو مدحا “للتقصير عن الحد”، أو التهاون أو العجز دون بلوغ الهدف المنشود.
الناس في مسايرتهم للحياة، على ثلاثة أصناف: صنف يتجاوز الحد، وهم الغلاة، وصنف يقصر عن الحد، وهو المقصرون، وصنف ثالث في منزلة وسطى بين المنزلتين، وهم المعتدلون.الاعتدال موقف متوازن بين المجاوزة والتقصير ؛ لكنه موقف صعب للغاية يتطلب الحكمة والصبر وقوة الشخصية. فلا هو يُرضي الطرف الأبعد، ولا هو يرضي الطرف الأدنى .. وقدَره أن يتلقى الضربات من كلا الطرفين؛ وأجره على الله.”خير الأمور أوسطها”!الله يحفظكم .