أين ذهب كل هذا؟ / الشيخ معاذ سيدي عبد الله
:تقول الباحثة دنيس روبير شاليك استاذة الاركيولوجيا في جامعة نواكشوط وفي ENS بين عامي 1975 و1985 وصاحبة كتاب (ما قبل التاريخ في موريتانيا) تقول في محاضرة لها عام 1999.. وبمرارة :” …
ينبغي أن نذكر الجرائم التي ارتكبت خلال العقود الأخيرة في حق التراث الوطني الموريتاني.ونذكر من ذلك اختفاء ما كان يسمى (كنز تكداووست) بعد عرضه مباشرة في مؤتمر الشباب بألاك عام 1970 والذي يضم حلي من أهمها الحجارة شبه الكريمة وخرز وسبائك من الذهب …
ولم يبق من هذه السبائك سوى صور فوتوغرافية شاهدة على صحتها.كما نذكر أيضا حادثا مؤسفا هو الآخر ويتمثل في اختفاء بعض التحف التي عثر عليها صدفة في أشاريم بتكانت وتتحدث الشائعة عن حلي نفيسة وركاب من الذهب وتيجان … وهي تحف لم تسجل ضمن التراث الموريتاني.وقد أثار انتباه السلطة المحلية الى هذا الاكتشاف آنذاك كثرة استخدام الذهب لدى الصناع التقليديين في وقت لم تكن الحلي الذهبية واسعة الانتشار فتداركت ما بقي وهو الإناء الذي كان يحوي هذه التحف وبعض الدنانير المضروبة في اسبانيا خلال العهد المرابطي في بداية القرن 12 وبعثته الى نواكشوط .وحسب زعم البعض فقد كانت هناك 70 قطعة نقدية وهو ما كان سيشكل مجموعة هامة لموريتانيا قد تجعلها الاولى في العالم .ومن هذه القطع النادرة في العالم لم يتبق سوى اثنتين من أصل ستة ” .******
إن ما تتحدث عنه الباحثة شاليك يؤكد حاجتنا لأن يكون وعينا بأهمية التراث المادي، بحجم وعينا وتثميننا للتراث غير المادي..إن ما نمنحه من تقدير واهتمام للمخطوطات والوثائق المكتوبة، المنتمية لعصور سحيقة لا نمنحه لما يتم العثور عليه من مواد عينية لا تقل أهمية تاريخية عن تلك المخطوطات..الكثير من تاريخ الأمم والشعوب كتب عن طريق التراث المادي، والعديد من الأحداث تم تفسيرها انطلاقا من ما عثر عليه من مواد ملموسة..لذلك نحن بحاجة للتثقيف ونشر الوعي بهذه الجوانب الفاعلة في كتابة تاريخنا وتبيان مساهمتنا في تاريخ الحضارة وتطور الانسان..