ربع ساعة من الرعب بين السماء والارض مع الموريتانية للطيران../ زهراء نرجس
#بسبب وعكة صحية طارئة ألمت بي،اتصلت بأخ لي صاحب وكالة سفريات وطلبت منه حجز تذكرة في أول رحلة لتونس لمقابلة طبيب سبق وأن ترددت عليه هناك. أجابني بأنه توجد رحلة للموريتانية للطيران ستقلع الثانية بعد ظهر اليوم ،كما توجد رحلة أخرى للتونسية يوم غد الخميس،
وبدون شك أو تفكير ،اخترت الموريتانية ،فكما جاء في الحديث : “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”تم الحجز لي على كرسي متحرك ثم حُملتُ الى المطار وتمت كل الاجراءات وانا على كرسي متحرك.صعدنا الى الطائرة التي أقلعت بنا وليتها لم تقلع.!! وبدأت تشق طبقات الجو ،وما هي إلا لحظات ،حتى بدأ الرعب والضغط النفسي يدبان بين الركاب. كانت دقائق تمر في حياتي كأنها دهور ،حيث لم أشاهدها إلا في الأفلام ،علما بأن معظم ركاب الطائرة كانوا من المرضى وكبار السن.وكانت أول ملاحظة : أن درجة الحرارة بداخل الطائرة مرتفعة جدا ولست ادري ما السبب..أخذ الركاب في البحث عن أجهزة التبريد ،وكل شخص يحاول الضغط على أزرار الهواء عَلّه يحظى بهواء ولو كان حارا ،بينما كان بعضهم “إشَيّر اعل مرافقه المريض .
وفي هذا الجو غير المريح ،جاء المضيف وطلب من الركاب عدم استعمال الأزرار ،قائلا : لحظات “وادورو تبردُو” وبعدها بقليل تردد صدى صوت مرتفع من ،،كابينة الطائرة :”الرجاء الحذر والتزام المقاعد وإحكام الأحزمة لأننا نمر باضطرابات جوية،، ولم تمض سوى 5 دقائق بعد ذلك حتى عاد وذكّر بأن خللا فنيا طارئا سيجبر الطائرة على العودة لمطار أم التونسي. حدث كل هذا في ربع ساعة مما جعل الركاب يتساءلون فيما بينهم عن حقيقة ما يحدث.. حينها تعالت التكبيرات والاستغفار وبلغت القلوب الحناجر وعظُمَ الكرب ،وتوجه الجميع في تلك اللحظات إلى رب الأرض والسماوات شاخصة أبصارهم ،يسألون الله النجاة.نعم ..لقد عشنا لحظات رهيبة من الضغط النفسي..لحظات تراجيدية لا يمكن لقلم أن يصفها من خلال حروف ولا لكلمات أن تشرحها..إحساس لا يوصف ،وخواطر تتوارد لا تُعبّر..كان بعض الشيوخ حين يسأل مَن يرافقه عما يحدث يشير عليه بضرورة التزام الصمت خوفا عليه.شخصيا لا أستطيع وصف ما أصابني – وأنا التي أستعمل أقراصا لسرعة ضربات القلب وأخرى للضغط وثالثة لضيق التنفس – غير أنني تمالكت نفسي وايقنت ،مثل غيري بالمصير المحتوم ونطقت الشهادتين مرات وأصبت في تلك اللحظات بضيق تنفس حاد ،الا أن الله سلّم ،فلو كنت قضيت أكثر من تلك الدقائق في الطائرة ،فمن المؤكد أن الأمور ستأخذ مجرىً آخر ،ولن أكون بخير.،،الحمد لله أتوف على كل حال،،
بعد هبوط الطائرة ،طلب مني طاقمها عدم النزول والبقاء وذكروا بأن الخلل بسيط وسوف يتغلبون عليه في بضع دقائق ثم تقلع الطائرة مرة أخرى لتكمل رحلتها باتجاه تونس.رفضت طلبهم بقوة ونزلت أحمل جواز سفري وبطاقة صعودي وجسمي منهك بالمرض ،،وجلست متعبة أنتظر وصول سيارتي ،بعد نصف ساعة تقريبا أتتني سيدة يبدو بأنها من طاقم الطائرة وطلبت مني العودة وذكرت بأن إشارة الضوء الأحمر التي ظهرت لهم كانت لنقص في الوقود !! ولكم أن تتصوروا معي هذا الإهمال مع أنني لا أصدقها فكيف يسمحون بإقلاع طائرة بدون تزويدها بالوقود الكافي أو على الأقل إجراء فحص لكمية الوقود الموجودة؟! ومن هنا فإنني أخاطب السيد/مدير الموريتانية للطيران وأخاطب كل مسؤولي هذا البلد وأقول لهم : كفى فسادا ،،أوقفوا هذا التلاعب بأرواحنا ،وعلى الجميع التحرك وكشف مثل هذه الاستهتار والألاعيب والتلاعب بأرواحنا ومقدراتنا…كفاكم فسادا. هذه الرحلة وضحت الكثير الكثير وفضحت كثيرا من الأمور ،فقد كان غير بعيد من مقعدي مكلف بمهمة في احدى وزاراتنا وشهد لحظة نزولي من الطائرة وعايش الأحداث المأساوية كلها ،وكان عليه من باب الأمانة والمسؤولية أن يكتب عما حدث وهو المعروف بكثرة التدوين وانتقاد مثل هذه التجاوزات ،لكن يبدو أن المسؤولية ،،بطعيمتها،، فقد تغير صاحبنا 180 درجة بعد التكليف وأصبح حتى” اسلامُ اعل لمعاريف عادي وبارد” .