في ذكرى النكبة«محامي فلسطين» / محمد المنى
“ظلت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، منذ حصولها على الاستقلال، تقف قولا وعملا إلى جانب الشعب الفلسطيني، وظل موقف الدعم الكامل هذا ثابتاً حتى يوليو 1978. وقد كنا نتحيّن كل الفرص، سواء في داخل البلاد أو خارجها، للدفاع عن القضية الفلسطينية، مثل ذكرى الاستقلال، ومؤتمرات واجتماعات «حزب الشعب الموريتاني»، وزيارات رؤساء الدول لبلادنا، وزياراتي للخارج، ومؤتمرات قمة منظمة الوحدة الأفريقية، واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. إلخ.
ورفضنا رفضاً باتاً أي اتصال مع إسرائيل الحاضرة بقوة في أفريقيا جنوب الصحراء خلال الستينيات وبداية السبعينيات. وخلال القمة الخامسة لمنظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة بكنشاسا في سبتمبر 1967 كان وفد الجمهورية الإسلامية الموريتانية هو الذي طرح على القمة قضية الشرق الأوسط، وقبلت منظمتنا القارية لأول مرة أن هذه القضية تعنيها، وتبنَّت موقفاً مسانداً للعرب وبالتالي للفلسطينين رغم المعارضة الشديدة من بعض الدول الصديقة لإسرائيل. وأسمعت المقاومة الفلسطينية صوتَها مباشرةً لأول مرة في قمة لدول عدم الانحياز بفضل الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وكان ذلك في قمة لوزاكا المنعقدة في سبتمبر 1970، والتي اُنتُخبتُ نائبَ رئيسها، وكان بعض أعضائها يعارضون بشدة الاستماع إلى الناطق باسم فلسطين. ولعبت الجمهورية الإسلامية الموريتانية في عام 1973 دوراً متواضعاً بلا شك، ولكن لا يستهان به، في المسار الذي أدى إلى قطع الغالبية العظمى من الدول الأفريقية لعلاقاتها مع إسرائيل. وفي السياق نفسه، عملتُ بلا كلل طيلة عشرين سنة على شرح القضية الفلسطينية لنظرائي الأفارقة، والناطقين منهم بالفرنسية على وجه الخصوص. وهي مهمة لم تكن سهلة بالمرة.
وفتحت «منظمة التحرير الفلسطينية»، منذ عام 1968، ممثليةً لها في نواكشوط منحناها امتيازات بعثة دبلوماسية، وكنا نقدم لها، رغم تواضع وسائلنا، ما وسعنا من عون في شتى المجالات، ولاسيما في المجال الإعلامي. وهكذا كان لديها برنامج أسبوعي في الإذاعة الوطنية، كما فُتحت أمامها أعمدة جريدتنا اليومية «الشعب» بطبعتيها العربية والفرنسية. وقد قدمتُ رئيس هذه البعثة إلى العديد من نظرائي، ولاسيما إلى الرؤساء سينغور، وهوفيت بونيي، وواهيدجو.. الذين استقبلوه شخصياً. وقد وقّعنا مع هذه البعثة الدبلوماسية في 30 يونيو 1975 اتفاقية تعاون اجتماعي وثقافي واقتصادي مماثلة لتلك التي نوقع مع كبار شركائنا الآخرين. وكان عمل الجمهورية الإسلامية الموريتانية لصالح الشعب الفلسطيني وراء لقب «محامي فلسطين» الذي أطلقه عليَّ السيد ياسر عرفات الذي لقيتُه في أكثر من مناسبة، ولاسيما خلال سفري الأول إلى الديار المقدسة حيث وصل قبلي بساعات، ثم جاء في زيارة رسمية إلى نواكشوط، وقد استقبلناه بالمراسم نفسها المخصصة لاستقبال رؤساء الدول”.
المختار ولد داداه/ «موريتانيا على درب التحديات»