في رؤية استشرافية لما بعد كورونا ،تبدو الفكرة مضببة نوعا ما لتمازج ما يمكن تسميته بالحرب البيولوجية والحرب الالكترونية، ثم المهتم بالشأن الصحي يركز الانتباه على ما يريده من حقوق مهنية سواء في دفع المنح الموعود بها على المستوى العربي أو ما يخص قضايا الترقية والتعيينات في المناصب ذات البعد السيادي، ولذلك يقل الاهتمام لدى المحللين العرب أو خبراء الصحة العرب تحديدا فيما هو آت بعد جائحة كورونا ،لأن الساحة الدولية حاليا ملغمة بتبعات الحرب الروسية على أوكرانيا واهتام بعض علماء البيولوجيا بظهور أوبئة وأمراض معدية أخرى وهو ما توسمته الصحف العربية والأجنبية وكذا المواقع الالكترونية عن ظهور حالات الإصابات بمرض جدري القرود ،وهو مرض نادر ينتقل من الحيوان الى الانسان، في سابقة من نوعها شهدتها بعض الدول بعد القضاء عليه سنة 1980، ما يعطي إشارة الى أن الحرب البيولوجية لم تنتهي بل تغيرت لتأخذ لها شكلا جديدا، وهو ما يؤخر ظهور الملامح الجيدة للحرب الالكترونية ولو أنها ضمنيا أخذت تتموقع على أجهزة الحاسوب و البرامج المعتمدة حديثا، لكن تبقى كلا الحربين علامات توتر عالمية ليست محلية فقط و لكل منها جانب من الدراسة النظرية والميدانية.
مباشرة بعد معاينة حالات هذا المرض في وسط وغرب افريقيا ، يذكر المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور حسام عبد الغفار أن فايروس جدري القرود غير مشابه لفايروس كورونا كون أن فايروس كورونا لم يكن معروفا من قبل على عكس فايروس جدري القرود الذي بحسب قوله أن لديهم خبراء متخصصون في التعامل معه، تبدو سابقة إعلامية في الوطن العربي أن تنفرد مصر بتقديم تقييم سريع لمرض جدري القرود على اعتبار أن اللجان المشكلة لرصد ومتابعة كورونا عبر مختلف وزارات الصحة العربية والأجنبية تتحين لرصد المعلومة الصحيحة والتي مركزها منظمة الصحة العالمية .
على صعيد آخر، وبالنظر الى حالات الإصابات بدولة إيطاليا والسويد كبؤرتين لظهور هذا المرض ،تزامنا مع انضمام السويد الى حلف الناتو، يأخذ التحليل السياسي نوع من الشكوك عن بوادر ظهور هذا المرض خارج افريقيا بعد أن كانت القارة السمراء هي المنذر الأول للداء، تبعتهما بعدها كل من أمريكا والبرتغال واسبانيا وبريطانيا.
لا زالت المعلومات الدقيقة غير مكتملة علميا ماعدا الاقتصار على بداية ظهور هذا المرض، ليتساءل الكثيرون منا هذه الأسئلة:
ماذا لو بقي فايروس كورونا في الانتشار تزامنا مع ظهور فايروس جدري القرود وهل تمازج الفايروسين مستقبلا كحالات مرضية قد يعقد من التشخيص الجيد لنوع الإصابة بالفايروس الحقيقي؟ ،و كيف ستستعد المنظومات الصحية لوجيستيكيا ووقائيا لمحاصرة الفايروس وهل هي نفسها آليات مكافحة جائحة كورونا من احترام للتباعد الجسدي و نظافة اليدين ومن ثم اعتماد اللقاح هي نفس ما سيعرفه فايروس جدري القرود من بروتوكول علاجي؟ ..هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة ،و يبقى التخوف من استمرار ظهور هذه الأوبئة في كل مرة ما يمكنه التأثير سلبا على الطاقة الاستيعابية للكوادر الطبية والشبه طبية لمواجهتها على مستوى المستشفيات ومراكز المتابعة وكذا استقرار الاقتصاد الوطني لكل دولة متضررة وهو ما ينضوي تحت لواء الأمن القومي بصفة عامة متضمنا الأمن الغذائي والصحي كرهانين مهمين ستراهن عليهما الدول لضمان مستقبل آمن للأجيال ولخريطتها الترابية مراعاة للتوترات الظاهرة بسبب نشوب بوادر الحروب والصراعات.