أنواء المواسم 1/ المرتضى محمد أشفاق
.تضخمت الأجسام رغم النحول، وألف الأميون المجلدات في شتى صنوف المعرفة، وملأت لحى النساء ما بين مناكبهن..تدفق الحليب مدرارا ومغزارا من أثداء الرجال المتدلية كأورام سرطانية، وهم يتمايلون، يجرون أعجازا كحناطير الإسكندرية، الطوابير كيلومترية، فللشاب مصة وللشيخ مصتان..
تطاول الأقزام إلى تلابيب القمر.. وحفر ذوو الأظافر القرعاء الصخر ليؤذوه..وامتلأت السوح بشيوخ بني المصطلق يبكون الناس بمواعظهم، وعجائز بني قريظة يحرضن القوم على الوفاء والنقاء وسلك الصراط المستقيم..شهد الناس بعصمة مسيلمة، وصلوا خلف سجاح..انتفخت بطوننا كالصهاريج ولم نشبع، وامتلأت الجيوب بمال سار في دهمة عار زنيم، وظللنا مساكين نستجدي بائعات القرنفل ونسرق منهن صرر النعناع..
نحن كرمال الصحراء نرحل يمينا وشمالا، وتمتد ألسنتنا صوب المشرق لتلحس الفتات القادم من الشرق، وتنساب أذرعا نحو المغرب لتلعق الصديد المتدفق من الغرب..بعنا حشفا وسوء كيلة..والقوم يلحنون ويربحون، وعلى كل وضم مزع قصيدة عربية عافتها الكلاب الضمر ..
بقرات عجاف وأخر أعجفها الشحم..وسنبلات خضر وأخر أيبستها الخضرة..تحلَّمنا وبقيت الرؤيا سرا في قلب حجر..ازدحمت المدينة الآثمة بمحلات السحق والسحاق..
ما أرحم الموت يدفن ضحاياه، أموات الدعية جيف تملا الشوارع والقصور وحتى أكواخ القش وبيوت الوبر، ويظل النتن ورائحة الدود المزدحم، والصراخ المتواصل من ألم المتعة، وعويل الأعراس المقرفة كل أؤلئك يتصاعد كأعمدة عواصف صيفية، والمدينة الظالم أهلها، تغرق ! تغرق بعد أن أحرقت كل قوارب النجاة.