عن المرأة والوظيفة/الحسن مولاي علي
الوظيفة، كثمرة يجنيها المرء بجدارة واستحقاق، بعد اكتساب مؤهلاتها النظرية والتطبيقية، حق للمرأة، كما هي حق للرجل، وخصوصا إذا لم تكن الوظيفة تتطلب جهدا عضليا مرهقا قد يصلح له الرجال بمؤهلاتهم البدنية والنفسية والاجتماعية، أكثر من المرأة، فتلك المؤهلات هي التي الزمت الرجل دون المرأة، بتدبير وتلبية نفقات وحاجات الحياة، وإن كانت المرأة ربما اضطرت، استثناء، الى تدبير ذلك بنفسها.
من حيث المبدأ فإن فطرة الله قد منحت كلا من الرجل والمرأة وظيفة في الحياة، تحقق بأبعادها الأسرية والاجتماعية والافتصادية، خصوصيات كل منهما وتحدد دوره ومساهمته في شراكتهما المحاطة بضوابط الشرع وضرورات الطبع؛ ولقد أشار شاعر عربي قديم، إلى وظيفتي الطرفين إشارة موحية، في قوله:
كتب القتل والقتال علينا@
وعلى الغانيات جر الذيول@
فالقتل والقتال ذروة سنام التحدي في وظائف الرجل، لإقامة عش الحياة، وضبط نظام القوامة، والسعي في مناكب الأرض للكسب وجلب النفقة، أما جر الذيول فمن وظائف ملكة القلوب المتوجة في البيت..
لن تجد امرأة سوية وظيفة توائم فطرتها وتحقق ذاتها، أفضل من تتويجها ملكة على عرش بيتها، تتخذ منه قمرة قيادة مركزية لتدبير شأن الأسرة وتصريفه وضبطه في أبعاده وامتداداته الأسرية والاقتصادية والاجتماعية؛ ثم هومحرابها لأداء فروضها وأماناتها الدينية والأخلاقية، وقارب أمان لربط نهر الحنان المتدفق وينبوع السعادة، ببحر المصالح المحيط.
أهم مرشحات هذه الحقيقة، والتي تمليها بقوة، هي محورية دور المرأة الأصيل متصرفة مديرة للبيت والأسرة؛ بصلاحيات مطلقة،، دور لا بديل عنه، ثم هناك مرشح آخر، تمليه حقيقة أن أغلب النساء، أمهات كن، أو زوجات أو بنات أو أخوات، هن في الأغلب الأعم، وبحكم الفطرة، محمولات النفقة والاحتياجات وتكاليف الحياة، كى تتفرغن لوظائفهم الأساسية… الحياة، كى تتفرغن لوظائفهم الأساسية…
هل هناك وظيفة أنبل للمرأة من احتضان رياحين وثمرات شراكة الأسرة، ورعايتها وتعهدها بالتربية وبذور الإيمان وقيم الخير، وتلبية ضروراتهم في إطار الممكنات، بلا تبذير أو تقتير، ورعاية ورقابة نموها البدني، وأحوالها الصحية، وتوازنها النفسي والعاطفي، وضمان ولوجها إلى عالم المدرسة من أفضل الأبواب، ومواكبة تحصيلها ومواصلة الدور معها حتى تصل إلى غاياتها…؟!
أما تعليم الفتاة وإعدادها تربويا وأخلاقيا ومهنيا، فهو حق أصيل لها على المنظومة الوطنية، أسرة ومجتمعا ودولة، فهي مشروع مربية للأجيال في بيتها ومؤسسات مجتمعها، بل ربما وجدت نفسها مضطرة للشغل خارج أسوار البيت، ضرورة تقدر بقدرها، رسميا ومجتمعيا، إذ الدولة مسؤولة عن امتصاص بطالة المرأة والرجل معا..
وبعد، فقد رجحت أحدث الدراسات العلمية ذات الاهتمام بالمرأة والأسرة، أنه كلما استغنت المرأة عن الشغل خارج بيتها، وفرغت لوظائفها الفطرية انعكس ذلك إيجابيا على الانسجام الأسري، وعلى تربية النشء في ظروف عادية، تحت سمع وبصر وعواطف الأمهات وأمهاتهم والآباء وآبائهم، بعيدا عن “حكامات التركة” وروضات حضانة الأطفال غير المؤهلة.