من دفتر الطفولة/ التولي يوم الزحف!/ المرتضى محمد أشفاق
تمنعت لحيتاهما على الاستصلاح المتواصل وكنس الوهم بشفرة “جيلت”…صار ممكنا ملاحظة مزرعة شعر رقيق لم يحصل بعد على اعتراف به ككيان أسود مستقل رغم عمليات التجريف المتواصلة..
صاحبنا قارئ نهم..يعشق جبران خليل جبران ويعشق سلمى كرامه..كانت عبارة: الحب كلمة تقولها الشفاه الأربع لازمة يكررها في أوقات الشرود الذهني والخلوة مع أحلام اليقظة اللذيذة..في ساعد صاحبه ساعة “مورتيما” و في ساعده هو ساعة “ساموز” ” آنتيمانيتيك”.. و تمضي الأيام، ويرحل الشهر والشهران إلى مدافن الليالي الجميلة..قررا أن يفتحا أرض الرجال..ولم لا ؟؟ هما شابان يمدان اليد إلى البكالوريا، مفتاح الدنيا، وواحة الأحلام السحرية..متفوقان في الدراسة..ماهران في الإنشاء..مبهران في كتابة رسائل الحب، الحب من بعيد..حديثا عهد بطلاق “اكرافنا” واستبدالها ب”مارلبورو”..تدربا طويلا على طريقة “ارْدِيسْ” وإخراج الدخان من الأنف…ضبطا محمود مرات أمام مرآة الحمام يحاول الاستقرار على حالة يشرب بها الشاي والماء من كأس زجاجية مثل كؤوس مطعم جاللو الرخيص في مدينه R..كان يرشف الجرعة بملتقى شفتيه، يغمض عينه اليمنى ويغني ” هل رأى الحب سكارى مثلنا”..صفعته (بناتا صو) عند باب المخبر عندما قال لها: Je t’aime chérie, tu es belle comme un lapin..محاكيا حوارات (افوتو رومانه)، مع قاموس لغوي رديء..كان اليوم طويلا..طويلا..تمر الدقائق كالساعات..
وكيف يصبر عاشقان أسرجا جياد العطف، وركبا موج الأحلام عن فتح عظيم، و اقتلاع أعتى قلاع التردد والتسويف..اختفت الشمس وهما يشيعان آخر شعرة من حاجبها…عيسى طفل صغير يطمع في دخول زريبة العصر، يستغلان تعلقه بقبوله صاحبا، فيكلفانه ببعض المهام التي يستصعبانها، أو يريانها لا تليق بمشروعي رجلين على أبواب حياة عاطفية حالمة…في تلك الليلة قررا أن يقولا وداعا لتصحر العواطف، وبرودة القلوب التي لا تخفق ولا ترق..لا بد من العزف على الوتر المشدود..أرسلاه في مهمة سرية، ما قدرا فزع اللقاء الأول، ووجيب القلوب، و تلاحق الأنفاس، حين يجد الأربعة أنفسهم وجها لوجه على صعيد واحد، في لحظة حاسمة مروعة، لحظة انعقاد الألسن والبحث عن خلاص، وطلب النجدة من مجهول.. من سوء حظ المراهقيْن أن الفتاتين غارقتان في قصص الغرام الورقي، لم تجربا بعد أن الممكن في الحلم والحروف لا يمكن في الواقع…عولا على تسويف الأنثى ودلالها، انتظرا أن يعيشا متاع اللقاء المؤجل، ولذة الوعد المكذوب، وهي فترة تدريب كافية للتعامل مع مفاجآت اللقاء الأول….رجع رسولهما الصغير يعدو بشيرا ونذيرا..شعرا بنشوة الانتصار..أليس إنجازا أعجز الرجال والأبطال..أرق عنترة وأرهق ابن الملوح..؟!فجأة ظهر الشبحان..اقتربا..اقتربا..فتبين لهما الخيط الأبيض من الخيط الأسود من ملحفتيهما، قال الفتى لصاحبه ويحك انج بنفسك( وَهَايْ نَهِرْبُو مَكْصُوراتْ لِعْمِرْ ذَهُمَاتِ جَاوْ)، فأطلقا سيقانهما للريح ….