هل يُصلّي أردوغان مع رئيسي والأسد في الجامع الأموي قريباً ؟/د. محمد بكر 
29 يوليو 2022، 19:31 مساءً
لم تكن تصريحات وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو مفاجأة من العيار الثقيل بقدر ماكانت ” منطقية ” وفي إطار ماتقيّمه أنقرة من بوابة المصالح والأولويات ، أوغلو قال أن بلاده ستقدم كافة أنواع الدعم السياسي لدمشق في محاربة التنظيمات الإرهابية، وإن سورية من حقها أن تطرد قوات قسد وحزب العمال من الأراضي السورية، وليس من الصواب وصف المعارضة المعتدلة بالإرهاب ، فهل جاء الجديد التركي على قاعدة انعطافة سياسية كاملة أم مناورة سياسية لن تغادر إطارها الإعلامي والشكلي ؟
التصريحات جاءت بعد قمة طهران ، قيل إن إحدى مفرزاتها كانت صفقة تركية إيرانية لجهة أن تبذل طهران جهوداً ” جبارة ” في إقناع دمشق بدعم توجهات تركيا في الشمال السوري ومراعاة أمنها القومي مقابل وقف العملية العسكرية التركية، فيما ذهب البعض لدعم تلك العملية ، بهدف الحد الكبير من تواجد قوات قسد في المنطقة، أو تصفية وجودها في مناطق معينة ، وأيّاً كانت صيغة الاتفاق ، فالمؤكد أن مباحثات قمة طهران ربما تكون مختلفة هذه المرة ولاسيما أن ” متانة ” العلاقة الاقتصادية بين طهران وأنقرة ، ستكون لها منعكاساتها وثمارها في الميدان ، من هنا نقرأ ونفهم ماقاله أوغلو لجهة أنهم بحثوا مع الايرانيين جزئية دعم دمشق في إخراج التنظيمات الإرهابية من أراضيها.
قبل عشر سنوات وتحديداً في شهر أيلول من العام 2012 ،قال أردوغان خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية، أنه سيصلي برفقة ” الإخوة السوريين ” في المعارضة في جامع بني أمية الكبير بدمشق ، وسيزور قبر صلاح الدين والصحابي بلال الحبشي، وكذلك محطة الحجاز بدمشق , كانت يومها أنقرة داعماً كبيراً للمعارضة السورية المسلحة ، ولعبت دوراً رئيساً في تفصيل يوميات الحرب في سورية ، عشر سنوات تكاثرت فيها جملة من المتغيرات السياسية والميدانية سواء في الداخل السوري أو حتى في الداخل التركي نفسه، وفي كل مراحل العداء التركي السوري لم تنقطع العلاقة يوماً بين طهران وأنقرة لا سياسياً ولا اقتصادياً ، وفي ذروة الأزمة التي تعرض لها أردوغان على خلفية الانقلاب العسكري في العام 2016 ، قيل أن طهران كانت من بين الناصحين لأردوغان بالبقاء والصمود ولعبت دورا مهماً وداعماً للرئيس التركي .
تصريحات أوغلو ربما تكون ” أولى ثمار ” قمة طهران يرمي فيها التركي الكرة في ملعب طهران ، ويقدم نوع من حسن النية لمباشرة وتنفيذ بنود الاتفاق على الأرض ، وهذا ربما يكون مقبول بالنسبة لحسابات دمشق إذا ماكان الاتفاق قد شمل مصير من قال عنهم جاويش أوغلو بالمعارضة المعتدلة، وإمكانية دمجهم مع الجيش السوري ، كون الوزير اتهم صراحة موسكو بأنها تسعى لدمج قوات قسد مع الجيش السوري . قالها يوماً وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم بأن بلاده من الممكن أن تعيد العلاقة مع أنقرة إذا ما أوقفت احتلالها للأراضي السورية ودعمها للإرهاب كما قال .
في السياسة لا مكان للمحرمات ولا الخطوط الحمر، فالرئيس السوري أعلن في لقاء قبل سنوات، بأنه إذا كان من مصلحة سورية أن يصافح أردوغان فسيفعل ذلك وإن كان سيشعر بالاشمئزاز على حد تعبيره، فهل فصّلت اليد الإيرانية وحضّرت لمثل هذا اللقاء ، أو ربما لصلاة مشتركة في رحاب الجامع الأموي بدمشق ؟ وحدها المشاهد التي سترد من الشمال السوري ستحسم الجدل وتقدّم الإجابة الشافية .