آراءموضوعات رئيسية
الثيوقراطية والعلمانية وجهان للراديكالية/علي الحبيب بوخريص
إن مشكل الفكر المدني في العالم يتمثل في كون المدنيتان الثيوقراطية والعلمانية وجهان للراديكالية، لب الثيوقراطية أدلجة للدين ضد العلم ولب العلمانية أدلجة للعلم ضد الدين، إن هذا المشكل الفكري يكمن في العقول التي أنتجت الثيوقراطية ومثيلاتها والعقول التي أنتجت العلمانية ومثيلاتها على حد سواء، امتداد عصور ظلام أوروبا في القرون الوسطى وما بعدها من عصور الهيمنة الغربية إلى نهاية القرن العشرين وقليل من العشرية الأولى والثانية من القرن الواحد والعشرين عصر تلاشي هذه الفصامية الذهنية الناتجة عن خلل في التفكير، إن ظلال هذه الفصامية الذهنية المنتجة للثيوقراطية والمنتجة للعلمانية أنتجت مثيلاتها باختلاف المسميات وهما نتيجة سوء استخدام الإنسان لعقله فهذه الفصامية الذهنية -الثيوقراطية والعلمانية- ناتجة عن خلل في التفكير وليست من الدين والعلم في شيء، إن بداية حل هذا المشكل الفكري يتطلب فهم لب ما بنيت عليه الثيوقراطية وهو (أدلجة الدين ضد العلم) ولب ما بنيت عليه العلمانية وهو (أدلجة العلم ضد الدين) هنالك يبدأ تلاشى الثيوقراطية والعلمانية ومثيلاتها التي تحمل نفس اللب وتحاول ارتداء طاقية الإخفاء باسم منظمة أو حزب أو غيرها من المسميات، بمعنى أن نعي أن كل منظمة أو حزب أو غيره يمارس أدلجة الدين ضد العلم بغية توجيه السلطة لتنفيذ خلو المدنية من العلوم الإنسانية النافعة فهذه ثيوقراطية راديكالية مظلمة ولو اختلفت التسميات فالعلم النافع لا يتعارض مع الدين، وكل منظمة أو حزب أو غيره يمارس أدلجة العلم ضد الدين بغية توجيه السلطة لتنفيذ خلو المدنية من العلوم الدينية الشرعية فهذه علمانية راديكالية مظلمة ولو اختلفت التسميات فالعلم النافع يعي فضل الدين في إنارة دربه ودرب الإنسانية جمعاء، وكلما نبذت المجتمعات لب الثيوقراطية المتمثل في أدلجة الدين ضد العلم ولب العلمانية المتمثل في أدلجة العلم ضد الدين تلاشت هذه الفصامية الذهنية المؤصلة لصراع بين الدين والعلم، وَعْيًا بالحقيقة الساطعة التي تعلن دائما أنه لا يوجد صراع بين الدين والعلم من الأساس إنما الصراع في عقول المتطرفين في الجانبين على حد سواء والدين والعلم من التطرف براء، وحل هذا المشكل الفكري على الصعيد المدني يتمثل في المدنية الاتزانية حيث تقوم الدولة المتزنة بحفظ الدين والعلم معا في آن باتزان دون إفراط أو تفريط في العلوم الدينية الشرعية ودون إفراط أو تفريط في العلوم الإنسانية النافعة والتطرف إفراط وتفريط منبوذ لدى كل ذو عقل ودين.
العقل السليم لا يتعارض مع النقل القويم والنقل القويم لم يكن يوما معطلا للعقل السليم، لا للمدنية الثيوقراطية المؤدلجة للدين ضد العلم ولا للمدنية العلمانية المؤدلجة للعلم ضد الدين، ونعم للمدنية الاتزانية بالعلم والإيمان معا في آن باتزان يرتقي الإنسان والأوطان تحقيقا لما فيه الخير للصالح العام.
- الخلاصة: [إن مشكل الفكر المدني في العالم يتمثل في كون المدنيتان الثيوقراطية والعلمانية وجهان للراديكالية والحل يتمثل في المدنية الاتزانية حيث تقوم الدولة المتزنة بحفظ الدين والعلم معا في آن باتزان دون إفراط أو تفريط في العلوم الدينية الشرعية ودون إفراط أو تفريط في العلوم الإنسانية النافعة والتطرف إفراط وتفريط منبوذ لدى كل ذو عقل ودين].