قصيدة المديح في صحوة حالمة لمحمد المختار ولد اباه طيب الله ثراه/ قراءة النجاح بنت محمذفال
فى سطوع لهوية النص تتبدى طيبة مأوي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في مقام تناسبه الحيرة والاهتداء معا فهي رمز معاناة خاتم الانبياء الذي هجر مسقط رأسه اغترابا في سبيل ما أمر به من رسالة
أماءَك ما شربت ام المداما
وريحَك ما شممت ام الخزامى
أ طيبةَ بغيتي وصميم حبي
مُنى قلبٍي بروضك قد تنامى
هوية لا تتوقف عند حد التعريف بالمكان وقدسيته بل تعود بالذاكرة إلى مرتعها الأول في حب رسول الله ، فيكتسي الشوق طابع المكان في اتحاد فريد بين الشاعر وشوقه للرسول ليغدو الشوق هو المكان :
قدمتُ إليكِ من شوقٍ قديمٍ
غراما قد غُذيتُ به غُلاما
ولين شكلت الحيرة الادبية درع الشوق المكنون للرسول الأعظم فلقد تناثرت المشاعر في ثنايا طيبة حيث تزاحمت غررالمعالم :
ففى ساحِ المناخةِ قد تبدتْ
معالمُكِ الجديدةُ والقُدامى
تراءتْ فى الشمال رُبى الثنايا
طلوع البدرِ كان لها سَناما
وذا سلْعٌّ يُطلُّ بناظريه
ويَترك فى مناظركِ ارتساما
وذا أحدٌ يدير إليك وجها
ويقرئكَ التحيةَ والسلاما
نظرتُ إلى القبابِ وقد تسامتْ
وخفقُ القلب فى صدري تسامي
من ربى الثنايا التي أطل منها مهاجرا إلى جبل سلع المطل على المسجد النبوي إلى أن يمنح صفة الحياة لجبل أحد ليتحرك محييا
صور من حقها أن ترسم من خفقان القلب ما تشاء ؛ خاصة حين تداهم القلب ؛ قلب يهيم شوقا وحنينا :
وسَعْيي للسلامِ أثار مني
شُجونا وقعها شمَلَ السُّلامى
وجاوزتُ المنابر وهي تهفو
حنينَ الجذعِ أوحشَ فاستهاما
لكن الشاعر سرعان ما يفك ازمته بنفسه فينزاح عن الأفعال الماضية وابنية المصادر
في انتقال سريع إلى مشهد مقدس مشهد رسول الله وصحابته وليس من رأى كمن سمع :
ولما أنْ مررتٌ على السرايا
تصورتُ الصِحابَ بها قياما
صفوفا ينظرون إلى رسولٍ
تقدسَ قدره فَعَلا مَقاما
وفى روض الجنانِ مُقام يٌمنٍ
به يَلقَى السكينةَ من أقاما
ولما أن وصلتٌ مَرامَ أعلى
مقامات، وأشرفها مراما
غضضتٌ الطرف من عَيني حياء
وصنتُ القول من فميَ احتراما
أشاهدُ ما أشاهد لست أدري
أصحواً ما أشاهدُ ام مناما
وغالبتٌ الأمورَ لكي أودي
يقينا بالرسالة واعتصاما
هنا الحيرة ليس بين الإيمان و غيره ، بل بين الصحو والمنام ، بين ثبات المشهد اليقيني والقرون التي صحت وتم استخلاصها في لحظات …
هنا اليقين والمغالبة ..
وهنا تتجلى أكثر فأكثر عظمة المشهد ونقله من التاريخ إلى الواقع ..حيث يتوزع الشاعر في حيرته بعظمة المشهد بين الصمت والحديث ،
بين غض الطرف وصون القول ، بين الصحوة والمنام !
غضضتٌ الطرف من عَيني حياء
وصُنتُ القول من فميَ احتراما
حيرة لايقطعها إلي عناق المشهد عن طريق الخطاب المباشر لرسول الله :
إمامََ المرسلين عليك مني
صلاة استغيث بها الإماما
أأحمدَ قد صدقتَ وقلتَ حقا
بلاغٌ أمانةٍ عمّ الأناما
لقد بلّغتها ولقيتَ منها
على إبلاغها مِحناً عظاما
وكان لقومكَ القِدْحٌ المٌعَلّى
بتكذيب بها واذىً وذاما
وآياتٌ النبوؤةِ بيناتٌ
تُزيلُ بديهة عنها القَتاما
وفي تصديق بمحمد واسترجاع لذكريات مشاهد الالم التي عاناها الرسول الاعظم ممن عرفوه علي غير ما ادعوا ، يحل الشاعر بمكة في تحد لاهلها بدفاع مستميت عن محمد مستمد من مكامن وجدانية تقرب الزمن البعيد وتعود بالذاكرة إلي ساحة معركة كان الشاعر جنديها الاول :
ألمّا يعرفوك فتىً أميناً
صدوقا مٌحسناً براً هٌماما
ألمّا يسمعوا وحياً مٌبيناً
قد افْحَمهُم فما اسْطاعوا كلاما
لعل نفوسهم قد ايقنتهُ
ونور الحق يخترقُ الظلاما
ولكن كذّبوا حسداً وحِقداً
ولجٌُوا فى حبائلهمُ خصاما
ولكن الإله قد اجتباهُ
وفى إنعامهِ أهدى التماما
وعندىذ يكون الشاعر محمد المختار ول اباه شهد في هذه القصيدة ماقبل الهجرة
(لقد بلّغتها ولقيتَ منها
على إبلاغها مِحناً عظاما
وكان لقومكَ القِدْحٌ المٌعَلّى
بتكذيب بها واذىً وذاما)
ثم الساعات الاولي للهجرة :
(تراءتْ فى الشمال رُبى الثنايا
طلوع البدرِ كان لها سَناما)
ومن بعد قابل الرسول الاعظم وناجاه تصديقا وإيمانا يقينيا :
إمامَ المرسلين عليك مني
صلاة استغيث بها الإماما
أأحمدَ قد صدقتَ وقلتَ حقا
بلاغٌ أمانةٍ عمّ الأناما
وهي النبرة الإيمانية التصديقية التي رافقت ابيات القصيدة :
إمامَ المرسلين إليك عهدي
شهودا كاتبين له كراما
أٌرَجي محوَ آثام ثِقالٍ
على نفسي جنيتٌ بها دواما
وأضْرعٌ بالصلاة عليك مني
صلاة الله بدأً وأختتاما
ازدانت هذه القصيدة المديحية بنبرة إيمانية يقينية تعززها الاساليب التقيرية التي تنتدب الحيرة الادبية احيانا لتصل إلي اليقين الصادق وهي حين تتفنن في ابنية الكلمة العربية الدالة على الحدث فإنها غالبا ماتنقلك إلى المشهد في عودة سلسة بالذاكرة إلي الماضي رحلة وجدانية شواهدها المكانية جبال أحد وسلع وقباب المدينة
اما عن شواهدها الروحية فتنقلك الصور إلي عالم اللا محدود :
ولما أنْ مررتٌ على السرايا
تصورتُ الصِحابَ بها قياما
صفوفا ينظرون إلى رسولٍ
تقدسَ قدره فَعَلا مَقاما
وفى روض الجنانِ مُقام يٌمنٍ
به يَلقَى السكينةَ من أقاما
ولما أن وصلتٌ مَرامَ أعلى
مقامات، وأشرفها مراما