يعتصر قلوبنا الحزن والأسى على ضحايا الزلزال المدمر الذي طال الشعبين التركي والسوري وما يؤرقنا أكثر ما يعيشه إخواننا في سوريا من أيامٍ عصيبة قبل الزلزال وبعده، فالحرب الكونية التي شُنَّت على سوريا من قوى التطرف والجهل والهيمنة الغربية استطاعت بكل أسف تدمير معظم البنية التحتية الحيوية في سوريا وفرضت ليلاً طويلاً على شعبنا العربي في سوريا جرّاء قرارات الحصار الظالمة التي أهلكت الزرع والضرع وغيبت أي بارقة أمل نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار وكل هذه القوى تعرف أن الضحية هي الشعب السوري الذي يعاني من انقطاع الغاز والكهرباء وندرة الدواء وانحسار الخدمات. ليس لدينا شك أن هذا هو المقصود ودليل ذلك ما تعرّض له الشعب العراقي قبل ذلك.
الليل البارد الذي طال انجلاءه عن صبحٍ يكاد يُطبق على أنفاس سوريا درّة العروبة ومعلمة الأبجدية وملتقى الحضارات وصانعة السيف والنسيج الدمشقي… سوريا المنكوبة منذ عقد من الزمن وتعاني من آثار الحرب الظالمة ومن أبشع أنواع الحصار الظالم المعنون بقانون قيصر أو (قانون قراقوش) والذي ينشب أظفاره في لحم إخوتنا السوريين ومبتغاه الموت السريري لسوريا وشعبها. في هذه الظروف تنزل به نازلة الزلزال، ولا يتم الالتفات إليه كما هو الحال مع نازلة أصدقائنا الأتراك فكل الدول تخطب ود تركيا الدولة القوية الغنية التي تستمد قوتها من موقعها الجيواستراتيجي ومن تقدمها الذي لم ينقطع منذ أيام أتاتورك باني تركيا المعاصرة هذه الأيام بعد أن نُكب الشعب السوري الشقيق بالزلزال المدمّر إلى جانب ما يعانيه من آثار الحرب الظالمة التي شُنَّت عليه وآثار الحصار الجائر التي فُرضت عليه يستدعي رفع الحصار الجائر وهذا يتطلب هبّةً عربية على مختلف الصعد الشعبية والرسمية تُعلي الصوت وتترجم الأقوال إلى أفعال لتجاوز زلزال الحصار والإقصاء لسوريا وشعبها.
لا يمكن التغاضي عن الهبّة العربية من بعض الدول وعلى رأسها الأردن رغم إمكانياته المحدودة بالإضافة إلى الجزائر ودولة الإمارات التي سارعت لمد يد العون لكلا الشعبين التركي والسوري في حين يتفاجأ المرء من مواقف بعض الدول التي خصّت الجانب التركي بعبارات التضامن وبالمساعدات وكأن الزلزال وقع فقط على الأراضي التركية، وقد وصل الأمر بالموقف الرسمي السوداني الذي أكد على إرسال خبراءه إلى تركيا لإزالة الأنقاض من دون التطرّق إلى سوريا على اعتبار أن الأقربون أولى بالمعروف.
في كل يوم تكتشف شعوبنا عنصرية قادة الغرب المقيتة والتي تكشف زيف الصورة التي ارتسمت في عقولنا لدول كنا ننظر لها على أنها ديمقراطية وغير منحازة وتحترم حقوق الإنسان أينما كانت، إلا أن الواقع وبعد زوال الأقنعة كشف أن هناك عداءً وتمييزاً مكشوفاً لدى التحالف الغربي ضد شعوب المنطقة وأن هذه الدول لا تقيس الإنسانية إلا وفق مصالحها السياسية ومشاعرها الدفينة تجاه شعوب المنطقة العربية. يكفينا فقط النظر إلى تعامل أمريكا والغرب مع اللاجئين الأوكرانيين ومقارنة ذلك مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من العذاب والتنكيل والقتل والتهجير الذي تمارسه سلطة الاحتلال.
سوريا العربية تستغيث وأشقائها العرب المحيطين بها ينقسمون بين إرسال المساعدات على استحياء وبين تجاهل ما يحصل من سوريا حتى لا يتم إحراج قوى الطغيان والحقد على شعب سوريا والجامعة العربية مجتمعة للإفتاء بدعوة أو عدم دعوة سوريا إلى مؤتمر القمة العربي القادم أما الزلزال فهو الذي حدث في تركيا وأما قانون قيصر فهو قيصر الروم الذي يجب أن نؤدي له الجزية.