canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

الرئيس تبون.. وإرث بوتفليقة المسموم.. لماذا مُنعت كلمة “الفخامة”؟/ د. جمال حضري

بشكل علني خارج عن تقاليد المؤسسة الرئاسية، شديدة التكتّم على أسرارها، الموضوعة دوما تحت عنوان واجب التحفظ والمصلحة العليا للدولة، يجأر الرئيس تبّون بشكواه مما حصل بجامعة باتنة شرق الجزائر. وباتنة التي يتيه أبناؤها بكونها عاصمة الأوراس مهد الثورة التحريرية، وحامية حمى تراث الثورة وخطها المتشدد حيال مبادئها وحتى رجالها المؤسسين مثل الشهيد مصطفى بن بولعيد، يستغرب أن تكون هي المدينة التي تغضب الرئيس، وهو الذي عاد بالخطاب السياسي إلى مفرداته الوطنية و”النوفمبرية”، وجعل من الوفاء للشهداء وتكريم المجاهدين صورة إعلامية لا تكاد تفوّت فرصة للتأكيد.

فما الذي حصل بالضبط في باتنة؟

واقعة التكريم جرت في الحرم الجامعي، حيث قام أحد الفنانين المحلّيين بتقديم لوحة رُسِم فيها الرئيس تبون، وتم التكريم نظير “الإنجازات العملاقة التي حققها فخامة الرئيس بالجزائر الجديدة وفي وقت قصير جدا، إنجازات جعلت جيران الجزائر في المنطقة يشعرون بالحسد لوجود رئيس مثل فخامة تبون في بلادنا” (هذا البيان نشرته دزاير تي في). وهذا حدث عاد جدا، فالتكريم برسم صور الشخصيات يجري في كل المؤسسات، ولكل شخص ترك بصمة ما أثرت في حياة من يحيطون به، فما بالك بشخص يرى الكثير من أنصاره أنه يعبر عن طموحات الناس ويحقق مطالبهم. وكان الحدث أقرب إلى النسيان و”اللاحدث”، لولا نشر واقعة التكريم في مواقع التواصل، ثم صدور بيان عن مديرية الاتصال بالرئاسة الذي جعل الحدث بمثابة قنبلة أخذ يتقاذفها الجميع، ويتبرأ من مسؤوليتها الجميع.

ad

فعلا، الصورة المنقولة عن الحادثة تبدو لحظة مقتطعة من “الحقبة البوتفليقية”، حيث كانت صورة الرئيس الذي أقعده المرض تنوب عنه في كل المحافل، ولا يجد المحتفون بها أي حرج على التعامل معها كأن “فخامته” يتحرك بينهم بشحمه ولحمه، فيهتفون ويرقصون ويتصايحون ويسقطون مغمى عليهم، ولا تبخل النسوة أيضا على “فخامة الصورة” بالزغاريد المجلجلة والدموع الحارّة وصيحات التمجيد التي تمزق آذان “الحسدة” !!!

لم يصل المحتفون في باتنة إلى هذا المستوى من “الوطنية”، ولكنها بداية مشجعة وقابلة للتطور إلى أشد المراحل الطقوسية جنونا وهبلا لو……لو قبل المعنيّون وسكتوا..

لكن المعنيين أذكى من أن يدعوا الأمر يمرّ، فالذاكرة الشعبية لم تكد تنسى ما عشناه طيلة سنوات من التهريج و”الصنميّة” ونفاق الولاء الذي كان قمينا برهن مستقبل البلد لسنين أخرى تحت حكم هلامي لا يعرف له وجه من ظهر ولا رأس من ذيل. فالكل يتحرك باسم “فخامته”، بل امتد النسخ والمشاكلة حتى صار لكل مؤسسة “فخامة رئيس” يصغر أو يكبر تبعا لمدى السلطة التي يملكها، وأصبح المواطن تحت طبقات من “الفخامات” تبدأ بلواها من الباب إلى أعلى طابق، يقدّم أمام كل منها قرابين من كرامته وصبره وجيبه، لا لشيء إلا لأن تلك “الفخامات الصغيرة” تحت رعاية “الفخامة” الكبرى في “المرادية” !!!، المرادية نفسها التي تتشكل على ذات النسخة من التفخيم والنفخ والنفاق.

فالقضية مرتبطة بمراكمات سلوكية مريضة كان لها أبلغ الأثر على حياة الناس اليومية، كما كان لها الأثر البالغ على نفسياتهم وعلى مزاجهم العام. فقد صار معلوما لدى العامة أن خطاب السلطة والمظاهر المرافقة له نفاق محض، لا يتقبله إلا جماعات المنتفعين من شبكاته الممتدة طولا وعرضا، وهم أناس موجودون بالفعل، ويتحركون بنشاط وحماس وبأس أيضا، ودليل ذلك التجمعات الضخمة والتظاهرات المختلفة التي تحتفي بالإنجازات “غير المسبوقة” التي أصبحت تقارن “قاريا” بل “عالميا”. ترسخت قناعة إذن، أن لـ”فخامته” شعب خاص، متمرس ووفي ومتحمس، لا تصيبه فاقة ولا حاجة !!!، “شعب خاص” يُقبّل “الصورة” كما يُقبّل الرئيس، ويقدّم لها الولاء كما يقدّمه لصاحبها، شعب خاص استطاع تجاوز المنطق والمعقول، حتى صارت الأغلبية هي اللامنطق واللامعقول !!!

وفاضت حالة البوتفليقية عن وعائها السياسي، لتغمر كل أبعاد الحياة العامة، حتى بات غير مستغرب أن لا يفتح وزير أو مدير أو أصغر مسؤول فمه إلا ليعبّر عن ولائه ويشيد بالإنجازات، وأن ما يقوم به هو تنفيذ “برنامج فخامته”، فلم يبق إلا لمنشّطات حصص الطبخ أن يدّعِين ذلك، إذ بقيت تلك الحصص البطنية خارج الكرنفال الشامل الذي تعيشه البلاد. بل إن فخامته طوّع “الطبقة السياسية” التي كانت مظنة تمثيل رأي آخر ناقد على أقل تقدير، فصارت الأحزاب كلها إسلاميُّها وعلمانيُّها، ديمقراطيّها وشموليّها، تتنافس في الزلفى، لدرجة أن رؤساءها لا يجدون حرجا للإعلان أنهم يتماهون مع برنامج فخامته، ويساندونه ويدعّمون ترشّحه “القاتل” لعهدة أخرى.

وهل بقيت البوتفليقية في نطاق السياسة؟؟ لقد امتدت العدوى إلى كل مكان، فالرعاية السامية ظلّلت بعطاياها وجوه الفن، فخرجوا عن بكرة أبيهم بالتسبيح والمديح، ومشايخ الزوايا شيبا وشبابا لا يفوّتون بدورهم فرصة لشكر فخامته والدعاء “بطول العمر” والبقاء “فوق كرسيّه”، لأنه منحة ربانية وعطيّة لدنيّة تحسدنا الدنيا عليها، ولحقت بجموع الطائعين فرق الرياضة ومسؤولوها الذين لم يبق إلا أن يقولوا أن الأهداف التي سجّلها اللاعبون كانت في الحقيقة من تسجيل فخامته، وأخيرا تأتي الجامعات ومؤسسات التعليم ملتحقة بالركب، لتظفي الزينة اللازمة للمشهد، فتقف عقول البحث والمخابر والمدرّجات العلمية أمام “الصورة” نفسها التي يتزلف لها “العامة”، فتتنثر أمامها ما تبقّى من كرامة العلم ورصانته!!!

 جيل كامل عاش البوتفليقية، وعشريّتان كاملتان ترسّخ فيها سلوك بوتفليقي، سلوك انتهازي منافق يبيع ويشتري، يطيع ويصمت، يبدّل ويستبدل بلا ضمير ولا حياء، يفسد بكل فخر، ويتعدى على الحقوق بكل صلافة، ينجح حيث لابد أن يسقط، ويتوظّف حيث لابد أن يطرد، يقترض الملايير ولا يرد دينارا، يتجوّل في أحدث السيارات ولا يدفع أقل ضريبة، لا يُنجزُ مشروعٌ إلا ويُصرَف عليه أضعاف ما خُصّص له، ولا يدخل مستثمر قطاعا حتى يُشبِع بطن “الفخامة” المسؤولة عنه..

هذا هو الميراث البوتفليقي، الذي لم يسقط يوم سقط “الرئيس المرفوض”، سقط بوتفليقة ولم تسقط البوتفليقية، وما جرى في باتنة لم يكن إلا صورة أفلتت للعلن من قناعات ترسخت وسلوكات تكررت حتى تجذّرت، ولم يكن من مستغرب إلا موقف الرئاسة الرافض لإقحام صورة الرئيس في طقس موروث عاش عليه ناس واعتاشوا به..

  والمطلوب الآن، أن ترتفع عقيرة كل مسؤول تجاه كل سلوك “بوتفليقي”، أن تجتثّ “البوتفليقية” من الممارسات اليومية، وهو ما لا يتم إلا بأمر واحد: سيادة الشعب سيادة حقيقية، تسمح له بالرقابة وحرية الرأي وإيصاله لكل مراكز القرار، إن الحليف الطبيعي لسلطة راشدة هو الشعب الحرّ، والإعلام الناقد، والمثقّف صاحب الرسالة، والمنتخب “الحلال” والبرلمان السيّد.

من حق الرئيس الذي وعى حجم الميراث المسموم للبوتفليقية فمنع كلمة “الفخامة” من مرافقة اسمه، من حقه أن يتبرّأ من تكريم لا يتماشى وقناعته بنهاية مرحلة “التملّق”، لكن من حق الشعب أيضا أن يقول أن “البوتفليقية” التي يعانيها ليست طقوسا تكريمية منافقة كانت أو مخلصة، بل يعاني من “بوتفليقية” القهر وانعدام الكفاءة وتجاوز القوانين وتغول المال الحرام، والشللية في التوظيف…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى