درس جزائري لن ينساه الكيان الإسرائيلي أبداً / د. حامد أبو العز
19 فبراير 2023، 12:01 مساءً
من يستغرب من الجهود المستمرة التي قامت بها الجزائر لطرد السفيرة الإسرائيلية من قمة الاتحاد الأفريقي، فهو لا يعرف شيئا عن بلد المليون شهيد والمواقف البطولية المستمرة منذ عقود. القصة بدأت عندما كثفت كل من الجزائر وجنوب أفريقيا جهودهما في أروقة الاتحاد الإفريقي خلال اجتماع المنظمة في إثيوبيا لطرد ممثلة إسرائيل “شارون بار-لي” من هذا الاجتماع. حيث توجه ضباط أمن نحو وقاموا بإخراجها من قاعة الاجتماع في أقوى فضيحة تشهدها إسرائيل منذ سنوات. وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية المتكررة لإعادة ممثلها إلى الجلسة إلا أن جهودها بائت بالفشل.
لم تكتف الجزائر الحبيبة بهذا وحسب، بل هي تحاول الأن اقناع أعضاء الاتحاد الإفريقي بإلغاء عضوية الكيان الصهيوني بشكل كامل من المنظمة بعد أن تم منحها صفة المراقب في منظمة الاتحاد الإفريقي.
بادء ذي بدء، علينا التأكيد إلى أن هذه الفضيحة لا تعتبر فضيحة عابرة تمر عبرها إسرائيل مرور الكرام، بل يبدو بأن الداخل والحكومة الإسرائيلية يدركان تماماً حجم الفضيحة ويعلمان بأن هناك خطوات تالية لها سوف تهدد إسرائيل بالطرد من منظمات أخرى في السنوات القادمة. ولذلك فقد أشارت صحيفة تايمز أوف الإسرائيلية إلى تصريح المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ليؤور هايات الذي قال بأن “إسرائيل تنظر بعين الجدّ إلى الحادث الذي شهد وقائع طرد السفيرة شارون بار-لي من قاعة الاتحاد الأفريقي رغم وضعها كمراقب معتمد ورغم أن معها شارات دخول”.
قد يتساءل البعض ما علاقة إسرائيل بالاتحاد الإفريقي وكيف يمكن لهذا الكيان الحضور في اجتماعات المنظمة؟
في الواقع هناك إجابة مباشرة وهي أنه في العام 2021، منح رئيس المفوضية الإفريقية “موسى فقي” إسرائيل وضعية مراقب في الاتحاد الإفريقي. في تلك الأثناء أثار هذا القرار جدلاً واسعاً بين بلدان الاتحاد الإفريقي خصوصاً بأن القرار تم اتخاذه بشكل منفرد ودون العودة إلى الدول الأعضاء وكذلك تجاهل الانقسام الحاد بين الدول الأعضاء بشأن إسرائيل. وعليه فقد تم تشكيل لجنة مؤلفة من رؤساء سبعة أعضاء في الاتحاد لتقديم توصيات بشأن منح إسرائيل صفة المراقب. وفي شباط 2022 تقرر تعليق عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي وكل هذا جاء بجهود جزائرية مستمرة خصوصاً بأن الجزائر كانت عضواً في اللجنة التي بحثت موضوع منح صفة المراقب لإسرائيل.
وأما الجواب غير المباشر لهذا السؤال فهو أنّ إسرائيل تتحرك في كل مكان تستطيع المناورة فيه وهي تعمل كالأخطبوط لمحاولة فرض حضورها في كل بقعة من هذا العالم. خذ على سبيل المثال تواجدها في قارة أسيا حيث كشفت السلطات التايلندية عن شبكات تهريب سلاح ممولة من قبل إسرائيل تقوم بتهريب السلاح إلى ميانمار عبر تايلند. وفي بعض الأحيان يتم استخدام هذه الأسلحة لقتل المسلمين الروهينغيا. ولا يعود تدخل إسرائيل في هذه المنطقة إلى بضع سنوات فحسب بل تعود هذه التدخلات إلى العام 1953.
كما أن إسرائيل تتدخل بشكل مباشر في الحرب الأوكرانية الروسية وهي تدعم الطرفين للحفاظ على المصالح الأمريكية بإستمرار الحرب هناك. كما تتدخل إسرائيل بشكل مباشر في تركيا بهدف زعزعة الاستقرار هناك والمخابرات التركية تقوم باعتقال العديد من الجواسيس والعملاء الذين يعملون لمصلحة إسرائيل بشكل مستمر. ناهيك أيضا عن اللوبي القوي لإسرائيل في الاتحاد الأوربي.
ختاماً، نحن كفلسطينيين لم ولن نستغرب من موقف الجزائر الداعم للقضية الفلسطينية الذي يتكرر بشكل مستمر، ولكن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا شكرها لهذه الجهود المستمرة في الدفاع عن القضية الفلسطينية. وندعو الدول العربية الشقيقة أن تحذو حذو الجزائر بدلاً من الارتماء في أحضان إسرائيل التي لا تخبئ لهم إلا المؤامرات والدسائس.