هل تنجح روسيا في إعادة صياغة قواعد النظام العالمي؟/ د. بسام روبين
21 فبراير 2023، 17:17 مساءً
لا شك أن البيئة الدولية تشهد حالة غير مسبوقة من الفوضى والانسداد السياسي سببتها بعض السياسات الأمريكية المتعاقبة لعدم عدالتها وابتزازها للدول وتدخلها في شؤونهم الداخلية، علما بأن العالم لم ينصب أمريكا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي لتصبح زعيما منفردا له بينما نراها تمارس هذا الدور ،وتفرض عقوبات ظالمة على من تشاء وتحتل وتهجر من يعارض سياساتها ،وها هي تحتل الموارد العربية السورية ،وتفرض عليهم قانون قيصر الذي أعاق تدفق المساعدات الإنسانية خلال الساعات الأولى للزلزال المدمر بل تترك إسرائيل تبطش بالشعب الفلسطيني وتبني المستوطنات وتقتل الأطفال والشيوخ وتقتحم المسجد الأقصى متى أراد المتطرفين ذلك ،لا بل قدمت لهم القدس والمقدسات هدية من لا يملك لمن لا يستحق وكان لانشغال أمريكا بمكافحة الإرهاب الدولي المزعوم دورا في منح الفرص الذهبية ،والوقت الكافي بغير قصد لكل من الصين وروسيا لإعادة تنظيم أوضاعهم الداخلية والخارجية للإنقضاض على برنامج القطب الواحد وتلقيحه بجرعات من التعددية القطبية الأكثر عدلاً مما هو الآن في محاولة من الدولتين لإعادة رسم قواعد النظام العالمي الذي وضعته أمريكا منفردة، وهنالك تفاعل ملموس وصامت أحيانا حيال مشروع التعددية القطبية من معظم دول العالم باستثناء بعض الدول التي ما زالت تخشى من الحرية والكرامة وتفضل حياة عبيد الحقل ولو أن السماء أمطرتهم حرية وكرامة لوجدنا بعضهم يحاولون تجنب ذلك بفتح مظلاتهم لتفادي أي تغيير بعد تلقيحهم بفيروسات العبودية والذل ،ومع ذلك قد تغير هذه الدول على عجل موقفها التابع للمعسكر الغربي عندما تتيقن أن التعددية قد تؤمن لها مصالح تفوق ما بحوزتها الآن وربما تقرر في لحظة ما التحرك نحو مشروع التعددية القطبية الذي قد يقوم على تحالفات استراتيجية تنشد وتطبق العدالة.
فلماذا لا يفكر العرب مثلاً ببناء تحالف قوي ليكون أحد الأقطاب المؤثرة في التعددية القادمة، ولماذا لا تنشيء الدول الإسلامية تحالفا إسلاميا قويا وفاعلا للمرحلة القادمة ،وما أستطيع توقعه حاليا هو أن روسيا والصين في مرحلة إعادة رسم قواعد النظام العالمي بعيدا عن السلبيات الأحادية السابقة وربما تظهر نتائج ذلك بمجرد إحراز روسيا نصرا استراتيجيا في الحرب الأوكرانية لهذا نلحظ خشية أمريكية وأوروبية من القادم فهم يتوقعوا تراجعا في مركزهم السياسي والاقتصادي مع بدء ظهور وتشكل التحالفات وانفضاض قدامى الحلفاء وتحركهم من القطبية الأمريكية إلى التعددية بسبب الظلم وغياب العدالة والكيل بمكيال غير إنساني لا يراعي حقوق البشر ولا حتى الحلفاء في كثير من الحالات.
فالغرب هم من دمروا العراق وليبيا واليمن وسوريا وكانوا سببا في إفقار الشعوب العربية والإسلامية وقتل اقتصاداتهم وهم أيضا سبب تعنت إسرائيل وعدم إنصياعها للقرارات الدولية بفضل دعمهم اللامحدود لها ،وأعتقد أن مؤشرات النصر الاستراتيجي لروسيا تلوح في الأفق وربما يتعاظم ذلك مع تحرير باخموت من دعاة النازية الجدد لتصبح بعدها التعددية القطبية مطلبا عالميا وأمرا واقعا يقرع أبواب الدول التي تبحث عن العدالة والحياة الكريمة فلننتظر قرع طبول التعددية القطبية لما فيه خير العالم.