وداعا يا قلم
لا أذكر بالتحديد متى آخر مرة أمسكت القلم بها، واستخدمته وبدأت بكتابة موضوع أو قصة أو قصيدة قصيرة.
أحاول أن أنبش ذكرياتي رأسا على عقب باحثا عن التاريخ المحدد، ولكنني فشلت.. نعم فشلت في بحثي، فأنا أكتب كل شيء عبر جهاز الحاسوب منذ وقت طويل جدا، إذ أصبحت أصابعي تقفز هنا وهناك فوق لوحة المفاتيح الصغيرة، وأحدد حجم الخط الكبير ونوعه، ودائما أختار لون الخط وهو الأسود، والأخطاء الإملائية يظهر تحتها الخط الأحمر.
القلم أصبح مكانه في جيبي، كما هو حال المنديل أو جهاز الهاتف النقال أو نظارتي، لا أخرجه إلا ما ندر للتوقيع أو كتابة سطر أو سطرين في مكان عملي، وبعدها يعود في جيبي حتى يشأ القدر وأتذكره، أو قد أضعه في جيب قميصي نوعا من الزينة.
قال لي في أحد المرات أديب عزيز على قلبي إن جهاز حاسوبه قد تعطل، واضطر إلى أن يكتب موضوعا أدبيا في بيته، لكنه فشل حتى أنه اشمئز من خطه، ما جعله يذهب إلى مبنى الجريدة التي يعمل بها وكتب موضوعه عبر جهاز حاسوبه الموجود في مكتبه.
كل شيء له نهاية، ويبدو أن «القلم» يعيش أيامه الأخيرة مع شديد الأسف، فالتكنولوجيا التي تتطور بسرعة البرق سوف تطيح به شئنا أم أبينا. قد نجد بعضا ممن يتمتعون بلذة استخدام القلم وبجمالية الخط العربي، ولكن سوف يصبحون من محبي «التراث» وفئة قليلة للغاية.