الأردن.. وتعزيز مُمكنات أمنه الوطني في مُواجهة مشاريع الصهيونية/ المهندس سمير الحباشنة
10 أبريل 2023، 15:56 مساءً
-1-
التاريخ سردية جافة، إن لم يُوظَف لاستنطاق الحاضر.
-2-
معاهدة ميونخ البريطانية الألمانية بتاريخ
وقع رئيس وزراء بريطانيا آنذاك نيفيل تشامبرلين وأدولف هتلر في ميونخ بتاريخ 30/12/1938 معاهدة بعدم الاعتداء بحضور رئيسي فرنسا وإيطاليا، وكان توقيع المعاهدة من وجهة نظر بريطانية هي لتجنب اندلاع حرب عالمية جديدة، حتى أن بريطانيا وافقت لهتلر للاستيلاء على أجزاء من تشيكوسلوفاكيا تشجيعا له على توقيع تلك المعاهدة.
إلا أن هتلر وقبل أن يجف حبر هذه المعاهدة، شن في أول أكتوبر عام 1939 حربه، فاحتل بولندا بالرغم من وجود معاهدة عدم اعتداء عليها منذ عام 1934 ! ، كما احتل فرنسا لاحقاً، وأوبل لندن وكل المناطق البريطانية بقصف شديد لا يهدأ مقدمة لزحف بري يقصد احتلال بريطانيا كلها.
-3-
المعاهدة السوفيتية الألمانية؟
في ذات السياق، وفي عام 23/8/1939 تم التوقيع في موسكو على معاهدة “مولوتوف-ريبنتروب” بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا، بعدم الاعتداء، وحياد كل من الدولتين تجاه الأخرى فيما لو تعرضت أي منهما للاعتداء من طرف ثالث، إضافةً إلى بنود أخرى لا تعنينا في هذا السياق.
إلا أن تلك المعاهدة قد تم نقضها من قبل الألمان بعد فترة وجيزة، حيث قام هتلر بتاريخ 22/6/1941 بغزوه الشهير للاتحاد السوفييتي!.
-4-
والحقيقة لو أن كل من بريطانيا والاتحاد السوفييتي قد ناما آنذاك على حرير مصنوع من خيوط تلك الاتفاقيتين، لاستطاع هتلر أن يشرب الفودكا الروسية في الكرملين، ولاستطاع أيضاً أن يحتسي الشاي البريطاني في عشرة داوننج ستريت في لندن.
إلا أن الدولتين، ولمعرفتهما بأن من يقابلهم هو شخص صاحب مشروع عدواني توسعي ولا يقيم وزناً للمعاهدات، فقد رفعا من جاهزيتهم الدفاعية بمزيد من الإعداد البشري وتشغيل مصانع الأسلحة بأقصى طاقاتها، الأمر الذي مكنهم من صد العدوان بل والانتصار..
-5-
وللقياس، وفيما يتعلق بنا في الأردن وفي القضية الفلسطينية، فإن إسرائيل كما هو ثابت، دولة ذات مشروع توسعي تلمودي معلن، تسير بخطى محسوبة بمراحل زمنية للتنفيذ، بدأت باحتلال فلسطين الداخل عام 1948، هذا وبالرغم من موافقتها على قرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم، إلا أن إلا أنها قد نقضته واحتلت الجزء الأكبر من الأراضي المخصصة للشعب الفلسطيني. وفي المرحلة التالية قامت باحتلال الضفة الغربية الفلسطينية والجولان عام 1967.
وهي الآن – ومع أنها كلاميا تعلن موافقتها على حل الدولتين – إلا أنها تقضم أراضي الضفة الغربية بالاستيطان قطعة تلو قطعة. والآن وفي ظل تحالف الصهيونية العلمانية والصهيونية الدينية المتشددة “الداعشية”، ويجتمع ينحو بتسارع شديد نحو التشدد الديني، فإن مهمة استكمال مشروعهم يسير وفق خطة مرسومة، بدأت منذ مؤتمر بال الصهيوني المنعقد عام 1893 وما تلاه من مراحل لتنفيذ هذا المشروع التوسعي العدواني الإحلالي.
مع التذكير بأن أراضي المملكة الأردنية الهاشمية ليست خارج هذا المشروع، بدءاً من المؤتمر المذكور وانتهاءاً بالتصريحات الأخيرة المعلنة لقادة الحركة الصهيونية التي تهدد الأردن ككيان وكنظام سياسي. ومن الملاحظ وبقوة أن إسرائيل تنقض معاهدة السلام مع الأردن يومياً وتجليها الأهم هو عدم الاكتراث بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وعدم التزامها بأي من تفاهمات اجتماعي العقبة وشرم الشيخ المتفق عليها مؤخراً.
لذا فإن الضرورة الوطنية الأردنية تقضي أن نعد العدة ونرفع جاهزية مُمكناتنا الأمنية، ليقف الشعب الأردني وراء قواته المسلحة الأردنية/الجيش العربي البطل بقيادة الملك عبدالله الثاني، للذود عن حمى الأردن وحمايته من أي عدوان محتمل.
فالجهوزية العالية وطنياَ وتهيئة الشعب وقواه الحية المدنية كرديف للقوات المسلحة، أمام أي اعتداء يطال البلاد يمثل قوة ردع ضرورية أمام أي اعتداء محتمل. اعتداء ربما لن يكون اليوم ولا غداً، لكنه أمام فهم عقلية الحركة الصهيونية، فإنه لا بد قادم.
لذا فإن استنطاق التاريخ والاستفادة من عبره ومعرفة طبيعة الحركة الصهيونية ومشروعها يحتم علينا أن نعمل وفق الآية الكريمة، قال تعالى ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ” صدق الله العظيم.