بعد تغير قواعد الاشتباك وتوحيد الساحات.. يوم القدس العالمي سيكون صفعة مؤلمة على الحساب/ فاطمة عواد الجبوري
12 أبريل 2023، 18:01 مساءً
يوم القدس العالمي هو اليوم الذي يخرج فيه المسلمون إلى الشوارع في مسيرات ومظاهرات تأييداً للقضية الفلسطينية، هذا اليوم العظيم الذي يخرج فيه الكبير قبل الصغير، النساء والرجال وتكتظ العواصم الإسلامية والأوربية بالمسلمين. هو يوم لاختبار ضمير الشعوب المسلمة وموقفها تجاه القضية الفلسطينية، قضية التحرر الأخيرة حول العالم.
تاريخياً، لقد كانت القدس وقضية فلسطين إحدى محاور الثورة الإيرانية بقيادة الخميني، وللتأكيد على أهمية هذه القضية بالنسبة للمسلمين في إيران وللمنتفضين ضد نظام الشاه، فبعد عام واحد فقط على نجاح الثورة سمّى الخميني أخر جمعة من شهر رمضان بيوم القدس وطلب من المسلمين والدول الإسلامية حول العالم أن يدعموا القضية الفلسطينية بالنزول إلى الشوارع بكثافة. منذ ذلك الوقت يخرج المسلمون في هذا اليوم في كل بقاع الأرض.
هذا العام يأتي يوم القدس العالمي بحلة جديدة وانتصار جديد تحت مسمى “توحيد الساحات” أو “وحدة الساحات”. يأتي هذا اليوم في الوقت الذي تعيش فيه إسرائيل أضعف مراحلها التاريخية، يأتي يوم القدس العالمي في الوقت الذي تضرب المقاومة الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل وهي تعجر عن الرد.
لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة إلى جانبها بأنّه علينا التعامل مع إسرائيل باللغة التي تفهمها وهي لغة القوة، فقد اعتادت قوات الاحتلال على قصف قطاع غزة وقتل المتظاهرين في القدس والضفة الغربية وتصفية الفلسطينيين بشكل ممنهج، وعليه فكان لا بد من التعامل بالمثل وضرب إسرائيل في عقر دارها (التي اغتصبتها بالطبع).
إن الرسالة من إطلاق صواريخ ابتدائية من طراز كاتيوشا هي رسالة واضحة للكيان بأن المحور قادر على خرق كل الاحتياطات الأمنية والقبة الحديدية بصواريخ بدائية للغاية لقد أرسل المحور رسالته إلى إسرائيل بأن الحرب القادمة هي حرب الكثافة، أي أن الصواريخ والمسيرات الانتحارية والهجومية سوف تنهال على رأس العدو من كل حدب وصوب، لم تستخدم المقاومة الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى خلال هذه الجولة لإنها تدخرها للمعركة الكبرى وهي على ما يبدو باتت قريبة.
خلال شهر رمضان وقبل يوم القدس العالمي، تعيش إسرائيل أزمة ثلاثية خانقة لم تشهدها منذ تأسيسها، هذه الأزمات هي كالتالي:
أزمة داخلية: تعصف برئيس الوزراء الإسرئيلي بنيامين نتنياهو الذي عولّ على أن تأجيل التعديلات القضائية سوف يمنع المظاهرات ضده، وإذ به يتفاجأ بعشرات الآلاف من الإسرائيليين في الشوارع والساحات. وتأتي هذه المظاهرات من قبل اليسار الإسرائيلي والأحزاب العمالية والمهاجرون وغيرها من الفئات، لقد اجتمعت مصالح جميع هؤلاء حول الإطاحة بالحكومة المتطرفة وذلك لإنّ أخطاء هذه الحكومة لا تنحصر في التعديلات القضائية بل تشمل الجوانب الاقتصادية والبطالة والهجرة العكسية وغيرها من الجوانب التي تعاني منها إسرائيل.
أزمة إقليمية: لقد روجّت هذه الحكومة إلى أن التطبيع مع الدول العربية مستمر وركزت في جهودها على التطبيع مع المملكة العربية السعودية، إلا أن المملكة وجهت لها صفعة من العيار الثقيل وقامت بإعادة العلاقة مع إيران ويبدو بأن الطرفين (إيران والمملكة العربية السعودية) مستعجلتان للتطبيع الكامل للعلاقات. كما تواجه إسرائيل اتحاد قوي غير مسبوق بين فصائل المقاومة أو ما يعرف بمحور المقاومة إذ أن القيادات العليا والمخابرات الإسرائيلية أصبحوا على قناعة تامة بأنه لا يتم إطلاق رصاصة واحدة دون إجماع كل من دمشق وإيران لبنان وفلسطين ولذلك فهم أمام كتلة واحدة وضعت جميع خلافاتها السابقة جانباً وبدأت بالتركيز على قضية واحدة هي المعركة الكبرى مع الاحتلال.
أزمة دولية: بدأت مظاهر هذه الأزمة مع قدوم جوقة المتطرفين في حكومة نتنياهو بن غفير ووزير المالية الإسرائيلي الذي رفضت الولايات المتحدة استقباله ورفضت أن تمنح له تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى الخطاب الأمريكي المرن جداً تجاه كل من إسرائيل وفصائل المقاومة. وعلى ما يبدو بأن إدارة بايدن الدعم لإسرائيل ولكن هذا الدعم مشروط بإطاحة حكومة نتنياهو. وقد تبدو الدولة العميقة في إسرائيل مدركة لهذا المأزق الدولي خصوصا بعد التقارير الإعلامية والاستخبارتية التي أشارت إلى أن الموساد يشجع على التظاهر ضد نتنياهو.
ختاماً، إن يوم القدس العالمي هو يوم المسلمين في كل مكان هو يوم في شهر رمضان المبارك كي يعلن المسلمون بأنهم يتحدون ويقفون خلف قضية واحدة هي قضية فلسطين. وعلى ما يبدو بأن المشاركة في هذا العام ستكون مختلفة وواسعة، نظراً للانتصارات التي حققها المسلمون ضد إسرائيل.