canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

ما خلفيات وأبعاد وتداعيات الصراع الدائر على أرض السودان؟/ الدكتور طارق ليساوي

بمناسبة نهاية شهر رمضان الكريم وحلول عيد الفطر المبارك أتقدم للأمة العربية والإسلامية و لقراء رأي اليوم الأوفياء وطاقم هذه الجريدة المناضلة بأحر التهاني والتبريكات وكل عام وأنتم بخير أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..

وفي ختام  سلسلة مقالات رمضان 1444 هجري، سيلاحظ القارئ الكريم أني  ركزت بشكل أساسي على المتغيرات الدولية ومدى تأثيرها على العالمين العربي والإسلامي، وقد أوضحت أن المرحلة حبلى بالفرص والتحديات، لكن لابد من إدارة رشيدة تخدم مصلحة الوطن و المواطن بدرجة أولى، ولا يمكن ان أتناول هذه المتغيرات دون أن أتناول فلسطين المحتلة و الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني و المسجد الأقصى الشريف ، و كيف أن اتفاقيات التطبيع عمقت من مأساة الفلسطينيين و أطلقت يد الاحتلال ليفعل ما يشاء، لكن حمدا لله أصبح لفلسطين مقاومة و إرادة شعبية صامدة و مناضلة وواعية قادرة على إفشال المخططات و السياسات السوداء ، و ختمت هذه السلسلة بمقال يرى أن مصلحة الصين على المدى المتوسط والبعيد مع العرب  لا  إسرائيل ، لكن لا ننتظر من  الصين أن تكون عربية أكثر من العرب..  فضعف البلاد العربية وتفككها وغياب الرؤية يقود المنطقة إلى خسارة شركاء يمكن التعاون معهم، خاصة و أن الصينيون يدركون أهمية الموقع الجغرافي و الحضاري و الاقتصادي للعالم العربي و هذا ما أكده لي أكثر من مسؤول في الحزب الشيوعي الصيني …

لكن مع ذلك لست متشائم بل متفائل و أرى جملة مبشرات بالنصر القادم و بخروج المنطقة العربية و الإسلامية من دائرة التخلف و التبعية و التيه ، و ما يدفعني لهذا التفاؤل الحذر ، طبيعة المتغيرات الدولية التي نعايشها ، و الوضع الداخلي لأغلب البلاد العربية التي تعيش على وقع أزمات اقتصادية و اجتماعية خانقة و تضخم فاحش و غلاء لأغلب السلع الأساسية ، هذا إلى جانب ضعف الأداء التنموي و غياب شبه تام للحكم الصالح و إحترام الحد الأدنى من الحقوق التي تضمن كرامة المواطن ، و إستفحال  الفساد في هذه الدول ، هذا إلى جانب زواج كاثوليكي بين السلطة و التجارة و هذا الزواج لا يقود إلا الى الخراب ..

ad

وإني  على يقين أن التغيير قادم لا محالة، لكن لن يكون تغييرا سهلا و إنما سيتطلب تضحيات جسيمة من الشعوب العربية المستضعفة و المنهوب ثرواتها، و يكفي أن نقف على ما يحدث في السودان الشقيق و الصراع الدائر بين أجنحة ” المؤسسة العسكرية” على السلطة، الجيش السوداني النظامي من جهة، وقوات التدخل السريع من جهة أخرى، وكلا الجناحين أسسهما “المخلوع” عمر البشير. فالجيش السوداني الذي من المفروض أنه درع لحماية الوطن و الشعب، جعل منه البشير أداة لقمع المواطن السوداني، ولم يكن هدفه يوما حماية البلاد وحدودها ووحدتها واستقلالها، فقد انشق جنوب السودان ولم يحرك هذا الجيش ساكنا. أما قوات التدخل السريع (الجنجاويد) فهي ميليشيا عسكرية أنشأها البشير لقمع التمرّد في دارفور، وتعمل كعصابة أكثر من كونها جيشا، وبذلك تكون يدها مطلقة تماما فتقتل وتذبح بلا حسيب ولا رقيب.

بعد سقوط البشير بثورة شعبية، كان من المفروض انتقال الحكم لسلطة مدنية منتخبة، لكن ما حدث هو استيلاء الجيش وعصابات قوات التدخل السريع على السلطة، ولم تنتقل السلطة للمدنيين ولا تمت انتخابات، حتى اليوم. المُمسكان بمقاليد السلطة حاليا هما الجنرال البرهان قائد الجيش، ونائبه الجنرال حميدتي قائد قوات التدخل السريع، كانا على اتفاق نسبي منذ إندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أسقطت عمر البشير، وتوحدت جهودهما معا لقمع الشعب السوداني ومنع انتقال السلطة المدنية ومنع إقامة انتخابات..و ما يحدث في السودان هو امتداد للعبة الشطرنج الدولية و التنافس على موارد هذا البلد الغني بموارده الطبيعية ..

وكلا الجنرالين مدعوم من جهات دولية الجنرال البرهان مدعوم مصريا و هو نسخة طبق الأصل لسيسي مصر، كما يحظى بدعم أمريكي، ومدعوم بشكل غير مباشر من قبل الكيان الصهيوني.. أما الجنرال “حميدتي” فمدعوم من قبل الإمارات، ويحظى بدعم روسي (قوات ڤاچنر تحديدا)، ومدعوم بشكل مباشر من طرف الكيان الصهيوني، فقد كان أول وأعلى مسؤول سوداني يزور تل أبيب..

فكلاهما يعادي مصلحة الشعب السوداني ، وكلاهما يدافع عن مصالحه الخاصّة بنهب ثروات البلاد النفطية والزراعية والمعدنية و كلاهما يخدم أجندات دولية .. والخاسر الأكبر هو الشعب السوداني الذي سيدفع الثمن من دمه وثرواته وحريته وحلمه بإقامة سودان ديموقراطي تسوده العدالة وكرامة الإنسان. ..

وحتى ندرك خلفيات هذا الصراع الدائر على أرض السودان يكفي سرد المؤشرات التالية التي تعطي صورة تقريبية عن ثروات هذا البلد العربي –الإفريقي و المسلم:  فإجمالي الأراضي الصالحة للزراعة في السودان تعادل 850.000 كلم 2، وهي أكبر من مساحة كامل اوكرانيا التي تطعم العالم وتساوي تقريبا مساحة كل من   ألمانيا و بريطانيا و اليونان و البرتغال و بلجيكا و هذه البلدان الأروبية مجتمعتاً معروفة بأراضيها الخصبة ..

و تبلغ مساحة الغابات و المراعي الخضراء حوالي 230.000 كلم 2 وهي تساوي 5 أضعاف مساحة الدنمارك، كما تملك السودان حوالي 100 مليون رأس ماشية بينها 30 مليون بقرة بينما لا تملك هولندا سوى 3 مليون بقرة و تصدر حليبها و اجبانها للعالم ، كما أن يوجد على أرض السودان 7 انهار و13 بحيرة و400 مليار متر مكعب من مياه الأمطار …

و بحسب تقديرات منظمة “الفاو ” فالسودان  تستطيع ان توفر الغذاء لأكثر من 600 مليون نسمة ، و صدق من وصفها بسلة غداء العالم العربي لكن للأسف رغم كل هذه الإمكانيات فإنها عاجزة عن توفير الغذاء ل40 مليون نسمة..

و السودان ثالت أكبر منتج للذهب في افريقيا بإنتاج يتراوح ما بين  95 الي 100 طن من الذهب سنويا ، و لا يدخل لخزينة الدولة إلا  30 طن فقط، وباقي الكميات تهرب الي الخارج وبهذا تحول الذهب في السودان من نعمة الي نقمة بسبب  المصالح الشخصية والتدخلات الدولية، و 80 %من تنقيب الذهب يتم  بصورة حرة خارج مؤسسات الدولة و من غير رقابة و هو ما يؤدي إلى نهب ثروات البلاد ، بالإضافة إلى الاستغلال الجائر المضر بالبيئة ، فبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية تشهد السودان تزايدا حادا في عدد المواليد المشوهة، و من ضمن الأسباب المباشرة لهذه الظاهرة ورمي مخلفات التنقيب عن الذهب في نهر النيل مثل الزئبق وغيره من المخلفات السامة ..

وبحسب تقارير محلية و دولية فإن الجنرال “حميدتي” صاحب “شركة الجنيد” مع عائلته هو المسؤول الاكبر في تصدير الذهب وتهريبه الي الامارات بدون الرجوع الي بنك السودان المركزي

فالسودان حالها كحال كل الدول العربية، ثروات هائلة و شعوب غافلة و حكام فاشلة وغرب صهيو-صليبي ينهب و يتحكم.

السودان في طريقه لحرب أهلية مستعرة على يد أمراء الحرب  “البرهان” و”حميدتي”، وكلاهما وعدا الشعب السوداني بالرخاء والتنمية، وكل ذلك بعد رفع العقوبات الاقتصادية على السودان ، و المدخل الذي لا مفر منه لرفع العقوبات و حذف السودان من القائمة الأمريكية للإرهاب، التطبيع مع الكيان الصهيوني، واليوم إسرائيل وأجهزتها الأمنية تعمل بكل الحرية في السودان، وتدعم طرفي النزاع، لإطالته قدر الإمكان و إضافة  السودان لقائمة الدولة العربية  الفاشلة والمدمرة والمفككة …

والجدير بالذكر، أن الشعب السوداني لم يدعم أو يشارك إلى جانب أي من الطرفين. لكن من المؤكد هو من سيدفع الثمن على المديين المتوسط و البعيد، كما أن  تفكيك السودان لأربع دويلات كما كان مخططا له أمريكيا و صهيونيا ، سيدفع ثمنه باقي العالم العربي ، فإذا نجح مخطط تقسيم السودان فسينتقل ذات السيناريو لباقي البلاد العربية ، فالسعودية و مصر و الجزائر و المغرب و لبنان و العراق و ليبيا و اليمن و الأردن و غيرها من البلدان ستشهد موجة تقسيم جديدة و بعض هذه البلدان يعيش إرهاصات التقسيم و مقدماته ..

على الشعوب العربية أن تستفيق من سباتها و تتجاوز انقساماتها و توحد صفوفها لإزاحة هذه النخب الحاكمة ” الفاسدة و العميلة” و التي تسعى لتقسيم الأوطان و نهب الثروات و تأبيد التخلف و التبعية، و لا أرى في الأفق أي بديل لإنقاذ ما تبقى ووقف مسلسل الانحدار للهاوية،  إلا خروج الشعوب للميادين و العصيان المدني، لنزع السلطة من أيدي الخونة و الفاسدين و المتآمرين على الأوطان فالحل بيد الشعوب أولا و أخيرا ..و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

إعلامي وأكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى