الانقلاب العسكري والسياسي والاقتصادي السعودي مستمر.. هل ستسكت أمريكا؟/ لدكتور عبدالمهدي القطامين
12 يونيو 2023، 02:26 صباحًا
منذ بدأت علامات بروز ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان تظهر في مفاصل الدولة السعودية كانت الآراء صاخبة بحقه من اليمين الى الوسط فمن متفائل الى متشائم ومن صحافة بات شغلها الشاغل عرقلة المسير خصوصا صحافة الغرب والامريكان الى بعض الشكوك التي كانت تطل من جيران السعودية وقد نجحت صحافة امريكا ان تشوش كثيرا صورة الرجل القادم حاملا هما كبيرا في دولة هي بيضة القبان في وسط جحيم عربي يقتل بعضه بعضا واستطاعت لوهلة تلك الصحافة ان تشيطن الرجل وان تجعل منه دكتاتورا وهو لم يكد يتقلد منصب ولاية العهد بعد .
فما الذي فعله الامير محمد بن سلمان في دولة ظلت طويلا تقليدية في كل شؤونها تكتفي بشرعية دينية تمارس طقوسها في مواسم الحج وتتكىء على مخزون وموورث ديني ان لم يكن مشوشا فقد كان بعيدا عن روح العصر ومتطلباته كان اول ما فعله الامير القادم بقوة هو انه جمع كل اغنياء البلاد الذين راكموا الثروات جراء عملهم في المملكة التي تعد من اكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط وطلب منهم ان يدعموا خزينة المملكة التي ارهقوها وان راى البعض ان في ذلك بعض القسوة لكنها القسوة المحببة التي تتيح للدولة ان تعيد تمركزها المالي وان تعيد حساباتها المالية التي ربما استنزفت جراء غياب او مخاتلة القانون من قبل البعض في الكثير من الاحيان وبعد ان انتهى من تلك الخطوة التفت الى حقيقة كان الكل قد تجاهلها وهي ان النفط سينضب ان اليوم او غدا فما هو البديل. كانت رؤية الامير الاستراتيجية تكمن في تنويع مصادر الدخل فالتفت الى السياحة التي ظلت طويلا منسية مهملة فكان ان نفض الغبار عن مناطق سياحية خلابة في مناطق شاسعة من المملكة ثم جاءت رؤية ٢٠٣٠ والتي تستهدف التطوير الشامل للمملكة في كافة القطاعات وتنفيذ مشروع نيوم الذي يعد من اكبر المشاريع العملاقة على مستوى الاقليم .
خطوات الامير محمد بن سلمان تبدو للمراقبين خطوات واثقة مؤطرة ضمن اولويات استراتيجية تليق بدولة مترامية الاطراف وذات ثقل اقتصادي مهم على المستويين الاقليمي والدولي .
اما في مجال السياسة الخارجية فقد اجترح الامير ولي عهد السعودية خطوات جريئة في لعبة التوازنات الدولية عبر الانعطافة شرقا لتوطيد علاقات اقتصادية مع المحور الشرقي الصين وروسيا في استدارة تاريخية مدبرة في وجه الحليف الاستراتيجي التقليدي والتاريخي للمملكة الولايات المتحدة الامريكية هذه الاستدارة التي شكلت مفاجأة للعالم والتي تطلبت قوة وارادة حقيقية في قلب الطاولة على علاقات سعودية امريكية ظلت طويلا تهمين فيها الادارات الامريكية على صنع القرار السعودي خاصة القرار الاقتصادي ولعل ما قالته
الواشنطن بوست قبل ايام تعبر عن الحقيقة الجديدة وهي ان السعودية تقلب الفروة على الامريكيبن ، والامير الشاب محمد بن سلمان يعد الإدارة الديموقراطية الامريكية الحالية بمزيد من الاجراءات الاقتصادية المؤلمة بحسب تصريحات مسؤولة نقلتها الصحيفة عن المخابرات المركزية الامريكية ويبدو ان هذا ما حدث وان الامير يعرف تماما كيف يخرمش وجه الفيل الامريكي عبر مداعبته للدب الروسي والتنين الصيني مع ما تمثل هاتان الدولتان من عمق مؤثر في السياسة الدولية .
مجمل القول
ان المملكة العربية السعودية مقبلة على تغييرات هيكلية في بنية الدولة من شأنها تعزيز مكانتها في صياغة ورسم ملامح المنطقة الجديدة ولعل التقارب مع الدولة الجارة ايران يعد ابرز هذه الملامح وهو الذي يشكل التحدي الرئيس امام الادارة الامريكية التي باتت في حيرة استراتيجية خاصة و هي تخوض مواجهة صعبة مع الاتحاد الروسي في الحرب الدائرة على حدود الناتو .