آراءموضوعات رئيسية
أوكرانيا والهجوم المضاد.. إما كل شيء أو لا شيء/ عبير أبو ضاحي
تطورات متسارعة تشهدها الحرب الروسية الأوكرانية بعد بدأ الهجوم الأوكراني المضاد على عدة جبهات، وهو الهجوم الذي تزامن مع إطلاق حلف شمال الأطلسي، أضخم مناوراته الجوية، فيما يبدو أنه دعم صريح للهجوم الذي تقوده القوات الأوكرانية، ما فتح العديد من التساؤلات بشأن غاية هذا الاستنفار في خضم الصراع الغربي مع روسيا، والرسائل التي يحمله بين طياته إلى موسكو، ومدى نجاح الهجوم المضاد في وقت استندت فيه مناورات الناتو إلى سيناريو دفاع جماعي يعرف أيضا باسم سيناريو المادة 5، حيث ينشر الحلفاء قواتهم الجوية في ألمانيا للقتال ضد قوات الاحتلال المختلطة من خصم وهمي. وهو التكتيك العسكري الذي يُستخدم عندما يدافع أحد الأطراف بنجاح عن هجوم العدو ويجبره على التراجع بهجوم مماثل، رغم أن هذا لا يشمل أوكرانيا باعتبارها غير منتسبة لحلف الناتو.
ومع تصاعدت وتيرة الأحداث بصورة خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، بعد سلسلة ضربات استراتيجية وجهتها موسكو إلى القوات الأوكرانية تخللها قصف لمراكز صنع القرار في كييف، واستهداف دقيق لمخازن أسلحة في مناطق متعددة في أوكرانيا، حاولت الأخيرة الرد عليها بالمسيّرات واقتحام الحدود الروسية، وهو التطور الذي أعلنت من خلاله كييف بدأ الهجوم الذي طال انتظاره، رغم أن الإعلان كان خجولا نوعا ما وجاء بعد إعلان بوتين عن بداية صد الهجوم الأوكراني المضاد وهو ما يدعم التقارير الأوكرانية ، التي رأت أن مثل هذا الهجوم لن يكون سريعاً، أو حاسماً، ما يفسر عدم الإعلان صراحة عنه، وهو ما يوضح المخاوف التي تعتلي المسؤولين الأوكرانيين من فشل هذا الهجوم في تحقيق الأهداف المرجوة منه، والتي حددتها أوكرانيا في استعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم، وهو أمر يبدو شديد الصعوبة، بالنظر إلى بناء روسيا لعدة خطوط دفاعية من الصعب اختراقها.
وعلى الرغم من تجاوز المسيرات الأوكرانية لحدودها ونجاحها في الوصول إلى الأراضي الروسية، لكن هذا لا يعني شيئا خاصة أن العديد من الصحف الغربية ورغم معاداتها لروسيا لكنها أقرت أنّ الهجمات الأوكرانية الأولى باءت بالفشل، ولم تنجح في تحقيق أي خرق في خطوط الدفاع الروسية. وفي المقابل، تكبّدت كييف خسائر فادحة في العديد والعتاد بلغت حوالي 3715 جندياً في ثالث أيام الهجوم الأوكراني.
ولنكن واقعيين لا يمكن الجزم بفشل الهجوم المضاد خلال أيام فقط من انطلاقه، فخطة زيلينسكي لا تبدو واضحة لحد الساعة لكن عقيدة “بليتزكريغ”، أو الحرب الخاطفة، والتي استخدمتها أوكرانيا في خاركوف وخيرسون ومناطق أخرى خلال سبتمبر الماضي، ونجحت عبرها في استعادة أراضٍ واسعة من القوات الروسية، لم تعد فعالة اليوم، على الرغم من أن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على ثلاث قرى من القوات الروسية في منطقة دونيتسك جنوب شرقي البلاد، واصفة ذلك بأنه “أولى نتائج تحركات الهجوم المضاد”، لكنها في المقابل تكبدت خسائر كبيرة حيث دمرت القوات الروسية 7 دبابات “ليوبارد” ألمانية الصنع على الأقل، و5 عربات مدرعة “برادلي” أميركية الصنع خلال 48 ساعة في أثناء صدها لهجمات أوكرانية.
ad