داعش تعود إلى المشهد بقرار أمريكي/ فاطمة عواد الجبوري
16 أغسطس 2023، 13:47 مساءً
تشهد منطقة الشرق الأوسط عودة دراماتيكية لما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” والمعروفة اختصاراً باسم “داعش”. لقد ضربت داعش في مناطق جغرافية مختلفة فهي بدأت في باكستان ثم شنت عمليات متكررة في البادية السورية ضد الجيش السوري وظهرت أخيراً في هجوم مسلح في مدينة شيراز الإيرانية.
الوجه المشترك في جميع هذه العمليات هو خدمتها للأهداف الأمريكية التي فشلت الولايات المتحدة بتحقيقها عبر الانقلابات العسكرية أو التدخل المباشر أو فرض العقوبات.
دعونا نبدأ من الملف الأهم وهو سوريا. فخلال أقل من شهر شنّت داعش ثلاث هجمات دموية في سوريا استهدفت في الأولى مرقد السيدة زينب ومن ثم شنت الهجوم المسلح الأعنف ضد قوات الجيش السوري والذي راح ضحيته حوالي 33 شهيداً. حيث هاجمت قوات داعش حافة عسكرية للجيش السوري على طريق دير الزور-حمص. وشنّت الهجوم الثالث يوم الأحد 13 أب/أغسطس، على مواقع القوات السورية بالقرب من منجم الملح في بادية التبني بريف دير الزور الغربي ما أسفر عن استشهاد خمسة جنود هناك.
يتم توجيه الاتهام إلى الولايات المتحدة بإعادة داعش إلى الساحة السورية. الأهداف والخطوات الأمريكية كانت متعددة ومعقدة فهي لم ترضى عن التقارب العربي مع سوريا ولم يرق لها دعوة الرئيس السوري إلى القمة العربية ولا التقارب المحتمل مع الدول العربية التي خرجت ولو بشكل جزئي من تحت العباءة الأمريكية لمرة واحدة في حياتها. حتى أن قطر نفسها اتخذت خطوة إيجابية برفضها استقبال هيئة من المعارضة السورية بقيادة بدر جاموس. لم يرق للولايات المتحدة هذا التقارب وقررت تقويضه في مراحله الأولى واتخذت خطوات عديدة لتحقيق هذا الهدف فهي مارست ضغوطاً كبيرة على الدول العربية لتقويض عملية التطبيع العربي وشددت من العقوبات على الشعب السوري تحت مسمى “قانون قيصر” ومن ثم قامت بوقف الإعفاءات الإنسانية التي منحتها خلال أزمة الزلزال التي ضربت سورية. وها هي تعود مجدداً إلى الواجهة من خلال داعش وذلك لإن الهجمات التي شنتها هذه المجموعة جاءت من المناطق التي تتواجد فيها القوات الأمريكية في شرق سورية. ناهيك عن أن السجون التي تديرها الولايات المتحدة في الشمال الشرقي مليئة بالعناصر التي تنتمي لداعش وقد أطلقت الولايات المتحدة سراح العديد منهم.
نحن العراقيون نفهم جيداً كيف توظف الولايات المتحدة هذه الجماعات في تحقيق أهدافها. فلا ننسى أبداً كيف قامت الولايات المتحدة بضرب قوات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في كل مرة اقتربت فيها هذه القوات من الانتصار على داعش في ضواحي الموصل والقائم، كي تبقي عمليات الإمداد مستمرة بين سوريا والعراق، وفي كل مرة بررت أفعالها هذه بالخطأ الإنساني!!!
وإذا ما انتقلنا إلى باكستان، فقد أعلن التنظيم عن مسؤوليته عن التفجير الانتحاري شمال غربي باكستان الذي حدث قبل أسابيع، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصاً.
وأضاف البيان أن “المهاجم فجر سترة ناسفة في بلدة باجور شمال غربي البلاد، وأن التفجير كان جزءا من حرب التنظيم المستمرة ضد أشكال الديمقراطية التي تعتبرها ضد الإسلام”، حسب وكالة أسوشيتد برس. ما يحدث في باكستان هو جهود واضحة للولايات المتحدة بالحفاظ على نفوذها هناك بعد الإطاحة بعمران خان، الذي تقارب مع روسيا خلال فترة حكمه ورفض الانخراط في الحملة الأمريكية ضد روسيا. وعليه فقد جاء خيار العسكر أولاً ومن ثم زعزعة الأمن في باكستان للحفاظ على النفوذ والسلطة الأمريكية هناك.
وليس ببعيد عن باكستان، نتحول إلى جنوب إيران وتحديداً في مدينة شيراز الإيرانية حيث قتل شخص وأصيب ثمانية أخرون بجروح نتيجة هجوم مسلح استهدف مرقداً دينياً في ثاني هجوم من نوعه يستهدف المزار نفسه خلال أقل من عام.
تأتي هذه العملية بعد ساعات قليلة على إعلان الاتفاق حول تبادل السجناء مع الولايات المتحدة وتحصيل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي صادرتها الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. ويبدو بأن الولايات المتحدة تريد أن تثير الفوضى في إيران وإشغالها في الداخل عبر الهجمات المسلحة التي تتبناها داعش بين الفينة والأخرى.
في الختام، لقد جاء خطاب الرئيس السوري بشار الأسد خلال مقابلته مع قناة عربية بنقاط غاية في الأهمية لا يجب المرور عبرها مرور الكرام وهي قوله بأن: “هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول”. وفي مكان أخر من مقابلته قال كذلك: “لم يكن لدينا أمل حتى للحظة واحدة بأن الأميركي سوف يتغير لأن الأميركي يطلب ويطلب، يأخذ ويأخذ ولا يعطي شيء هذه هي طبيعة العلاقة مع الأميركيين منذ عام 1974 منذ خمسة عقود”. وعليه فعلينا جميعاً كعرب أن نستفيد من الدرس السوري والأفغاني والعراقي وأن نعلم جميعاً بأن الأدوات الأمريكية لم ولن تتغير وهي توظف الإرهاب في خدمة تحقيق أهدافها في بقاع جغرافية مختلفة. وبناء على ما سبق سنقول للأخوة العرب هل من متعظ؟