طوفان الأقصى بين الثابت والمتغيرات / د. عادل رضا
نجاح عملية طوفان الأقصى ضربت “أساس” وجود الكيان الصهيوني على ارض دولة فلسطين العربية المحتلة , و ما حدث ليس سهلا , و لم يكن بسيطا , و خاصة ان “الكيان الصهيوني” هو “مخلوق مشوه” و مسخ غير طبيعي يتواجد ك “قاعدة عسكرية ليس فيها أي مدني” على حجم دولة فلسطين المحتلة , وهذه المسألة على كل المراقبين “المخلصين” ومن يتكلمون في الاعلام و الصحافة اعادتها و التأكيد عليها , لتثبيت هذه الحقيقة في الذهنية العربية بعيدا عن الاعلام “المتصهين” الخائن الذي يعترف في الكيان الصهيوني في شكل ضمني “خبيث” عندما يشير الى الحدود على انها “إسرائيلية” و عند اشارته للمدن الفلسطينية المحتلة على انها “إسرائيلية” ؟! و هذه خيانة واضحة للعرب و العروبة و للأسلام و حتى اذا تواجد في هكذا اعلام “غادر” خطاب اعلامي “نقدي” و “هجومي” ضد الكيان الصهيوني فأن ذلك “لا” يعنى شيئا ما دام هناك “اعتراف” بهكذا “مسخ” صهيوني و هذا هو المهم و الأهم عند الصهاينة و الحلف الطاغوتي الربوي العالمي , فهم “لا” يهتمون في الصوت و “لا” الضوضاء الإعلامية , و ما يريدونه هو الاستسلام العربي و الهزيمة الكاملة و ان يحصلوا على “الاعتراف” و ما يخافونه هو أي حالة انقلابية وحدوية حقيقية و أي حركة ملموسة تضرهم في الامن و العسكر والاقتصاد وهذا ما فعلته عملية “طوفان الأقصى” و أيضا هم يرتعبون من أي ثقافة إسلامية “اصيلة” او نظريات قومية وحدوية ساعية للنهضة والهادفة للحصول على “الاستقلال الحقيقي” , لذلك أي “نظرية” “حقيقية” للوحدة العربية هي “مقلقة” لهم , و نقول “نظرية علمية” و ليست “شعارات” للوحدة , حيث النظرية العلمية تصنع “انقلابا” في الواقع السياسي و الاقتصادي و الأمني و العسكري , اما “الشعارات” فأنها تتحرك في العواطف و الاثارات و الخيال الطوباوي , و هذا ما حدث في التجربة الناصرية للوحدة و هو موضوع فيه تفصيل كثير و لكن للعودة الى موضوع الاعلام نعيد و نؤكد ان الضوضاء في الاعلام المتصهين الخائن هو سقوط في بئر العمالة الشيطانية للأجانب والغزاة وهذا السقوط “لا” يستثني ايضا العاملين من مذيعين و مراسلين وكادر فني في هكذا قنوات فهم أدوات للشيطان.
اذن المقاومة الفلسطينية وجهت ضربة قاصمة “وجودية” ضد الكيان الصهيوني الذي اصبح بعد هذه العملية “زائل” لا محالة وهذه أحد تبعات الواضحة لعملية طوفان الأقصى، وهذه أصبحت “حقيقة ثابتة” سيتم الوصول اليها زمنيا اليوم او غدا او بعده، وكل ما عداها “متغيرات” وتفاصيل للأحداث وتطورات زمنية من هنا و هناك و لكن “الثابت” سيبقى و سيظل بعد هذا الاقدام و المبادرة العربية الفلسطينية و التخطيط الناجح في الهجوم ضد الغزاة الأجانب و الذي لم نراه و نشاهده الا في حرب أكتوبر 1973 ، وهنا “الرعب الأكبر عند الصهاينة والحلف الطاغوتي الربوي العالمي، ولكن إذا حاولنا ان نقرأ المتغيرات بعيدا عن هذا الثابت و منها السؤال :
هل هناك من يعرف الى اين ستتجه اليه “متغيرات” الأوضاع الحالية عسكريا وامنيا؟ الإجابة “لا” يوجد أحد يعرف واكرر اننا هنا نتحدث عن “المتغيرات” بعيدا عن “ثابت” الزوال الحتمي للكيان الصهيوني، ولكن ضمن قراءة المتغيرات علينا الاعتراف انه “لا” أحد يعرف الى ماذا ستنتهي اليه الأمور.
السؤال الاخر ضمن “متغيرات” الحدث؟ لماذا تتواجد كل هذه البوارج العسكرية والاساطيل الامريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية في البحر الأبيض المتوسط والتي أصبحت تشكل زحاما بحريا؟ هل هذه كلها فقط لنجدة القاعدة العسكرية الصهيونية التي تم اقامتها على ارض دولة فلسطين العربية المحتلة؟ ام ان هناك “توظيف” ل “حدث” طوفان الأقصى” لتنفيذ سيناريوهات “سابقة” موجودة عند الحلف الطاغوتي الربوي العالمي، كما حدث من “توظيف” لعملية الحادي عشر من سبتمبر لتسريع عملية غزو العراق؟ هذا السؤال مهم يحتاج الى تقييم ودراسة؟
هل ذلك “أحد تفاسير” عن أسباب عدم خروج المنظمة الأمنية الاستخباراتية التابعة للجمهورية الإسلامية في لبنان عن مسألة ” قواعد الاشتباك” لمستويات جديدة مختلفة ومتطورة من القواعد الاشتباكية السابقة؟
هل هناك غياب “ضمان” موجود عند قيادات هذه المنظمة اللبنانية؟ و”لا” يوجد عندها ك “قيادة “تأكيد” على ” الدخول” “الكامل” “عسكريا وماليا واستخباراتيا” للجمهورية الإسلامية ب “جيشها” ومنظمة حراس الثورة الإسلامية فيها في المعركة العسكرية الاقليمية، لذلك يتم الاكتفاء في المواجهة ضمن “قواعد الاشتباك” القديمة، حيث يفرض “الواقع” هكذا قواعد وهكذا “نمط” من العمل العسكري؟
ما هي الإجابة على هكذا أسئلة؟ “لا” اعرف؟
وبكل الأحوال علينا القول: ان رغم كل الكلام التحليلي وطرح الأسئلة الا ان هناك عمل عسكري متواصل ومستمر وجبهة مفتوحة على مدار اليوم على حدود لبنان وهناك شهداء “لبنانيين” مضحيين من اجل فلسطين وصل عددهم لأكثر من ستين شهيد وأيضا هذه العمليات العسكرية القتالية بدأت “مباشرة” منذ الثامن من أكتوبر في ظل غياب كامل لباقي الجبهات العربية.
وهذه الجبهة العربية اللبنانية تقدم الدم والشهداء وتمارس عمل عسكري مباشر، واما مناضلين الفضائيات او جنرالات المقاهي والمتكلمين الفارغين في وسائل التواصل الاجتماعي فهؤلاء كلهم “سقط متاع بشري” ليس لهم قيمة و “لا” وزن و “لا” أهمية عند من يقدم الدم ومن يستشهد على خط القضية العربية والإسلامية في لبنان وفلسطين.
ان من العار والخزي ان نشاهد ستين ألف عسكري فلسطيني مدربين مسلحين يعيشون في قطاع غزة لا يفعلون شيئا الا الاكل وتربية الكروش وأبناء شعبهم في قطاع غزة يتم ذبحهم يوميا، ومن العار أيضا على أكثر من مليونين ومائتين ألف فلسطيني يحملون الجنسية الصهيونية “لا” يتحركون في تحرير بلدهم؟ و “لا” اعرف اين موقع “كل” هؤلاء من المعركة؟ هم معنا ام هم ضدنا؟
ان الاحداث مستمرة و ستتواصل , بين “الثابت” في “الزوال الحتمي” و بين “متغيرات” اللحظات الزمنية , ونحن نعيش في واقع عربي مأساوي و لكن من الواضح ان علينا ك “شعب عربي” على كامل جغرافيتنا القومية ان نعرف ان كل الطرق لصناعة الاستقلال “الحقيقي” و النهضة التنموية لأعادة الحالة الحضارية لواقعنا , ان كل الطرق لهكذا اهداف هي في “صناعة الوحدة العربية” ضمن نظرية علمية لتحقيقها , و في إيجاد ثقافة ثنائية تعيش القومية الوحدوية الانقلابية العلمية ك “خصوصية جغرافية” خاصة فينا ك “عرب” و في الدين الإسلامي ك “قاعدة” انطلاق معرفي.
وهذه هي أحد اهم المتغيرات المطلوبة على خط الوصول للثابت الحتمي في زوال الكيان الصهيوني من أراضينا العربية وطرد الغزاة الأجانب منها، وهذه المسألة أطلقتها أيضا عملية طوفان الأقصى فما بعدها ليس كما قبلها.
د.عادل رضا
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية