قانون فريد يهزم تسعة رؤساء فهل ينجح الرئيس العاشر في تغييره؟ / الحسن أحمد طالب
الجميع يعرف أن المجتمع هو عدد كبير من الأفراد المستقرين يعيشون معا على أرض معينة وتجمعهم روابط اجتماعية وثقافية ومصالح مشتركة بشكل يتيح لكل فرد منهم السعي وراء مطالبه وأهدافه التي رسمها وفق القانون الذي هو ــ بشكل عام ــ نظام من القواعد التي يتم إنشاؤها وتطبيقها من خلال المؤسسات الاجتماعية أو الحكومية لتنظيم سلوك هذا المجتمع، وتنظيم علاقاتهم فيما بينهم وعلاقاتهم مع الحكومة والدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها، ويحدد العقوبة الرادعة لكل من يتجاوز الحدود الموضوعة له ولم يلتزم بتقديم الواجبات تجاه محيطه.
ونعلم أيضا أن القوانين تتأثر بالمجتمعات لكونها لا تأتي من فراغ بل هي ناتجة عن ما يحكم المجتمعات من عادات وتقاليد وأعراف وثقافات وتعاليم دينية، وهكذا.. فكل هذه الأمور لها دور كبير في إثراء القوانين وجعلها قريبة من الأفراد الذين هم أساس وعماد المجتمعات وذلك لاستمرار وجود المجتمع وحمايته وضمان استقراره وتقدمه نحو الازدهار.
ونعلم كذلك أن مجموعة القواعد القانونية السائدة في دولة ما هي التي تظهر مدى انسجام هذه الدولة مع المعايير الدولية وبعدها عنها، فالنظام القانوني في الدولة يعكس استراتيجية الدولة ويحدد برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعلنة لمجتمعها وللعالم من حولها.
بعد هذه التوطئة المختصرة أردت للعنوان أن يكون مثيرا بعض الشيء نظرا لما يحز في نفسي جراء التجاهل وعدم الاهتمام بوضعية نقل الأشخاص في بلادنا، فنحن نكاد أن نكون البلد الوحيد في العالم الذي يسمح القانون فيه بركوب شخصين مع السائق في مقدمة السيارات الصغيرة رغم أن المقعد المخصص لذلك واحد، ويسمح في نفس الوقت بركوب أربعة أشخاص خلف السائق في السيارات ذاتها.
يحدث هذا منذ نشأة الدولة ونحن نشهد في هذه الفترة بالذات إقامة مشاريع وبنى تحتية ضخمة تتعلق بالطرق وما يتعلق بها من إنشاء مسارات للحافلات تمهد لنقل حضري في العاصمة نواكشوط سيتمكن من خلاله الطلاب والعمال من الوصول إلى وجهاتهم في الوقت المحدد – حسب ما شاهدنا من تصريحات للقائمين على هذه المشاريع – لينطبق على ما يحدث لدينا في ظل السماح بالقانون المشار إليه والمنظم لحمولة السيارات الصغيرة ما جاء في كلمات الأخوين رحباني من لبنان باللهجة الدارجة – عاصي ومنصور – (كيف بتمشي حافية وفستانك جديد) لأنه وببساطة شديدة يتحتم على السلطات المعنية أولا فرض قانون يتماشى مع ما يطبقه العالم بأسره حتى نتمكن بعد ذلك من العمل على تمهيد الأرضية التي سيطبق عليها ذلك القانون.
ويبقى السؤال المطروح لدينا هو من المسؤول عن هذا القانون؟ وفي أي الفترات التي حكم فيها 10 رؤساء من أبناء هذا الوطن؟ وبغض النظر عن الحاكم الذي تبلور القانون في فترته وأجازه فهل يبرر ذلك عدم تغييره من طرف الحكام الآخرين من بعده؟ علما بأن تلك الفترات شهدت تفاوتا زمنيا تجسد في كون بعضها لم يتجاوز سنة واحدة وسجلت أطولها 21 سنة.
– ففي الفترة 1960 – 1978 ترأس الرئيس المغفور له بإذن الله المختار ولد داداه،
– وفي الفترة 1978 – 1979 ترأس الرئيس المغفور له بإذن الله المصطفى محمد السالك،
– وفى الفترة 03 يونيو 1979 إلى غاية 04 يناير 1980 تولى السلطة الرئيس المغفور له محمد محمود أحمد لولي،
– وفي الفترة 1980 – 1984 تولى السلطة الرئيس محمد خونه ولد هيداله،
– وفى الفترة 1984 – 2005 تولى حكم البلاد الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع،
– وفي الفترة 2005 – 2007 تولى السلطة الرئيس المغفور له بإذن الله اعل ولد محمد فال،
– وفي الفترة 2007 – 2008 تولى السلطة الرئيس المغفور له بإذن الله سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله،
– وفي الفترة 2008 = 2009 تولى السلطة بالنيابة الرئيس المغفور له بإذن الله مامادو با الملقب امباري،
– وفي الفترة ما بين 2009 – 2019 تولى السلطة الرئيس محمد ولد عبد العزيز
– وآخر تلك الفترات الرئاسية هي الفترة ما بين 2019 – لغاية الآن حيث يتولى الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني السلطة في موريتانيا،
وما يزال هذا القانون موجودا ومطبقا، وقد أشرفت مأمورية الرئيس الأولى على الانتهاء، نصف العام تقريبا، فهل سيترشح الرئيس لمأمورية ثانية ليضمن من خلالها هزيمة هذا القانون المعجزة أم أنه سيكتفي بوصفه عاشر الرؤساء مسترشدا بالمثل الحساني (الموت ف عشرة انزاه) تاركا لنا قانونا عجيبا لا يصدق وجوده أصلا إلا من شاهده بأم عينه.