هل سيكون اعلان “باريس” نهاية حرب الطوفان؟.. التصعيد والتسويات/ احمد عبدالباسط الرجوب
6 فبراير 2024، 02:31 صباحًا
يكثر الحديث عن نضج في ظروف الحلّ في غزة، فيما المقاومة تدرس مقترح باريس بشأن وقف إطلاق النار، وتؤكد تمسكها بالوقف الشامل للعدوان قبل البحث في تبادل الأسرى وسط المراوغة في موقف ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني ” والأميركي، إذ لا حديث إلا عن مقترح باريس بشأن غزة، وكذا إشارات تبث حول الإيجابية قبل عودة نتنياهو إلى تكرار سمفونيته المعهودة في تحقيق الأهداف…
رغم المواقف المتصلبة، يعود رئيس حكومة ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني” نتنياهو على وجه الخصوص، إلى المربع الأول في المطالب، فيما المقاومة متمسكة بشرط وقف الحرب بشكل كامل وشامل، .. تتأرجح المنطقة بين خيارات التصعيد والتسويات، وتبدو عملية تفاوض جارية على صفيح ساخن تتسارع، تمهيداً لإعلان التوصل الى تفاهمات تعبر عن حصيلة المواجهات التي امتدّت لأربعة شهور، أو للانتقال الى مرحلة أعلى من التصعيد.
بعد مداولات بشأن الحرب على غزة فيما يعرف “لقاء باريس” الذي ضمّ رؤساء المخابرات الأميركية والمصرية والقطرية وشارك معهم مديرا الموساد والشاباك لكيان المشروع الصهيوني البريطاني، ورئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها .. صدر مقترح اجتماع باريس ضمن ما يعرف بـ«وثيقة باريس»، الذي يتضمن اتفاق هدنة في غزة ، والذي يدعو لهدنة قابلة للتجديد لأكثر من مرة مع صفقة تبادل للأسرى تضمن الإفراج عن 35 أسيراً من الجنود والمستوطنين في كيان الاحتلال مقابل الآلاف من الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إضافة إلى كميات وافية من المساعدات التي تلبي الحاجات الإنسانية للسكان في غزة الذين يعيشون ظروفاً شديدة القسوة، وفي السياق أيضاً جدولة الانسحاب الأميركي من العراق بعد إعلان كتائب حزب الله في العراق بالتنسيق مع الحكومة العراقية تعليق عملياتها ضد القوات الأميركية، بعد عملية مؤلمة أصابت القاعدة الأميركية شمال شرق الأردن تحمل اسم البرج 22، كما تقول البيانات الأميركية، وانتهت بمقتل 3 جنود وإصابة 40 بجراح.
بالتوازي يستمرّ مناخ التصعيد، حيث ينفي رئيس حكومة ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني ” نتنياهو موافقته على صيغة باريس، ويتحدّث عن التمسك بمواصلة الحرب والسيطرة الكاملة على غزة، وبالتوازي تنتظر المنطقة طبيعة الرد الأميركيّ على عملية البرج 22، بينما أعلن قائد حرس الثورة الإسلامية في إيران الجنرال حسين سلامي، أن الولايات المتحدة تعلم علم اليقين بأن إيران لن تصمت على أي اعتداء تتعرّض له، وسوف تردّ وسيكون ردها قاسياً، مضيفاً أن إيران لا تريد الحرب لكنها لا تخشاها، فيما قال مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي أي) وليم بيرنز، إن المنطقة ذاهبة الى المزيد من التصعيد وإن ضمان أمن ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني ” والمنطقة غير ممكن من دون التعامل مع إيران.
على صعيد قوى المقاومة، أعلنت حركة حماس إنها لم تقبل صيغة باريس، وإن لها عليها ملاحظات كثيرة سوف تبلغها للوسطاء، بينما أكد الأميركيون ما أعلنه انصار الله عن استهداف المدمرة الأميركية كول بصاروخ بالستي تم إسقاطه في اللحظة الأخيرة، قبل أن يصطدم بالمدمّرة. وكان اللافت أمس الإعلان عن استهداف قاعدة الحرير الأميركيّة قرب أربيل بطائرة مسيّرة، وهي أول عملية ضد القوات الأميركية في العراق بعد إعلان كتائب حزب الله في العراق تعليق عملياتها ضد القوات الأميركية.
خلاصة القول:
قد لا يكون هناك جديد بالمعنى المفهوم في سياق الاجتماعات والاتصالات المكثفة وما صدرعنها ونشر، سوى الاستعراض والاستهلاك الإعلامي والفرق في مدة الهدنة، وإذا لم تكن هناك ضمانات أساسية لا يمكن أن تتمّ هذه الصفقة التي هي بمثابة صفقة أو لا صفقة بالرغم من وسطاء وما تتطرق إليه المقاومة بشكل دقيق خاصة وأن لا يمكن أن تقبل بأن تكون الولايات هي الضامنة حيال ما فعلته من دعم عسكري مباشر منذ بداية الحرب حتى اللحظة وكانت بذلك الشريك المباشر على عدوان ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني” على غزة..
ربما قد يتحوّل مسار الهدن إلى معادلة لنقل فاعلة مفعلة سياسياً وعسكرياً قوية تفتح نافذة لكبح جماح العملية العسكرية ” لكيان المشروع الصهيوني البريطاني ” على قطاع غزة، لا سيما في حال كانت هذه الهدن على مراحل طويلة الأجل أو تلك التي تحمل سلسلة قابلة للتمديد وفق خيارات وشروط وحسابات المقاومة الفلسطينية من حيث المبدأ..
لديّ انطباع راسخ هو ان الولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة في هذا الاتجاه، “أيّ الهدنة”، من أجل عدم تفاقم الأوضاع على الجبهات المختلفة المساندة لقطاع غزة ولنصرة فلسطين، وبالتالي يكون كلّ ما نسمعه من نتنياهو قد لا يعبّر عن الحقيقة ولا عن فعالية الموقف، بقدر ما هو يمارس سياسة الحرب النفسية، دون أن يدرك ماهية الخطأ الفادح في نظرية الحدود المعروفة لدى هذه الحرب، حيث لا يمكن للمقاومة ولجبهات المقاومة المساندة أن تتأثر بها وذلك لأن المقاومة بكلّ فصائلها وجبهاتها تتقن فنّ الردّ المطلق على هذه النظرية التي يمارسها نتنياهو لترتدّ عليه بمفعول عكسي وهو ما جعل سياسة الاضطرار لدولة ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني” للهدن حاجة ماسّة وملحة..
إن الفشل الذريع الذي مُني به ” كيان المشروع الصهيوني البريطاني ” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يُلزمه بتحرير أسراها، حتى لو كان على حساب الاعتراف بالفشل، مما يعني عمليا القبول بانتصار حماس والمقاومة في الحرب”..