مخاض الولادة العسير.. الى اين سترتقي الأمة؟ / باسم فضل الشعبي
تعيش الأمة العربية تحديات واوضاع صعبة، نتيجة حالة التيه والشتات، ولأنها لم تستطع ان تنجز مشروعا عروبيا واسلاميا جامعا، يكون مصدر قوة لها، فقد وجدت نفسها كدول مثل الطرائد الشاردة تلاحقها نمور واسود الغابة المفترسة.
صحيح الغرب بقيادة امريكا وبريطانيا لا يريدون امة عربية قوية وصاحية وموحدة، لاسباب عديدة وواضحة، تتعلق باستمرار نفوذهما وهيمنتهما على المنطقة، لكن نحن كعرب لم نشتغل اساسا على عوامل قوتنا المتوفرة، بل عملنا على عوامل النفور والتشظي والتمزق، تارة بفعل الجهل والغرور والتكبر،وتارة نعمل كادوات للخارج لضرب وتدمير بعضنا بعضا بغباء، غير مدركين او مستوعبين القصة المشهورة في كتاب المدرسة الاعدادية “يوم اوكل الثور الابيض” بمعنى ان الدور واجي على الجميع، ان لم ننتبه ونصحو من الغفلة، وندرك ان خلاصنا وخلاص البشرية كلها، موجود في احشاء هذه الأمة العظيمة التي كرمها الله بكل شي من فوق سبع سماوات.
تمر الامة حاليا ومنذ فترة طويلة بمخاض عسير، مخاض ولادة لتاريخ وعمر جديد سيكتب لها، سوف ينقلها من قاع التخلف الى قمة المجد، الى صدار الفعل العالمي المؤثر والموجه والمرشد، لمرحلة جديدة من السلام والخير ستعم العالم كله، والمؤشرات على ذلك كثيرة، لكن من يقف ضد ولادة هذا الخلاص، وميلاد هذه المرحلة الانسانية الكونية العظيمة؟ الاجابة: العرب انفسهم، وهذا ما يسترعي لفت الانتباه الى امر مهم يتعلق باهمية التخلي عن التنافس غير الشريف بين زعماء ودول المنطقة، وعدم الوقوف امام اقدار الله في الأرض، لان ذلك كفر وجحود،وغضب من الله، والاصل هو الايمان، كما يؤمن وسيؤمن الاخرون من خارج امة العرب.
الاسلام هو الاسلام دين مكتمل، هو دين كل الانبياء والرسل، ووفقا لذلك فهو ليس دين العرب والمسلمين فقط، وانما دين البشرية كلها، وحينما تكون الامة التي هي الرافعة الحقيقية لهذا الدين قد انحرفت عنه، ووقع الناس في الشركيات الجديدة بعلم او بدون علم، واصبح الاسلام مثار صراع وصدام وحروب مستمرة، انتجت حالة تخلف ودمار وتشوهات كبيرة، بدل ان يكون عامل امن وسلام وتوحد وعيش كريم وعدالة وتطور وبناء، فان الامر هنا يسترعي اولا وقبل كل شي تصحيح المسار الذي نحن عليه كعرب ومسلمين، لنعود الى الدين الصحيح، واذا كان الدين قد علقت به الكثير من التشوهات والافتراءات المقصودة وغير المقصودة، بحيث لم يعد قادرا ليكون رافعة لنهوض الأمة من جديد، وبان يكون دين رحمة وسلام للبشرية كلها، فانه في هذه الحالة يحتاج الى التجديد، لا الى تخليق او الاتيان بدين جديد،يتناقض مع الرسالات السماوية من لدن ادم وحتى اليوم.
كل المؤشرات والدلائل تقول وتؤكد ان الأمة العربية والاسلامية ستكون ضمن النظام العالمي الجديد، كقوة مؤثرة، صحيح ان وضعها الحالي قد يقول كثيرون انه لا يؤهلها من حيث هي امة ضعيفة وممزقة، ولكنها اقدار الله وسننه في الكون والارض قد يكون لها شان اخر، فميلاد او ظهور مخلص او قائد او زعيم من داخل هذه الامة امر مسلم به تماما، فهناك تاريخ يتحدث عن ذلك، وهناك بينات ومؤشرات كثيرة تدل على امكانية حدوث ذلك، وقد يكون ذلك موجودا، ولكن في انتظار الفرج والظهور الكبير.
كل هذه الحروب هنا وهناك، هي مؤشرات عن حالة المخاض، من اليمن الى الشام، وتحديدا ما يحدث حاليا في غزة منذ بعد طوفان الاقصى، وما يحدث في البحر الأحمر، هي سلسلة مترابطة من الاحداث والصراعات في بطنها مولودا عظيما ينتظره ويحتاجه الجميع حول الارض، من اجل الخلاص المهم والكثير.