حين يكتب الجميع بيد واحدة و حبر واحد …/ آسية عبد الرحمن
في كل مناسبة احتفالية يكتب الجميع للجميع و ليس في الأمر مشكلة، فالقلم سيال و الدواة معطاء و المناسبة تستحق، غير أنه حين يكتب الجميع بيد واحدة و حبر واحد و قلم واحد عبارات تتشابه تشابه الأوراق في الغابات فذلك استنساخ مقيت يفرغ المعايدة من محتواها ويقتل في اللحظة روح الفرادة التي تجعل كل شخص يشعر أن اليومِ يومه و العيدِ عيده و الحب حبه!
المعايدة روح قبل أن تكون قوالبا و أشكالا جاهزة للتبادل الحر!
المعايدة ألفاظ يسكب فيها المرسل شيئا من روحه فيستقبلها المتلقي حروفا و يقرؤها جسدًا و يعانقها روحا!
حين صممت الرأسمالية الجشعة بطاقات معايدة جاهزة للأعياد و المناسبات، قلت إن الود لا يزيد قيمة و نوعية الورق، و أن الحب لا يمكن أن يكون بالنيابة؛ إنه مأزق فردي يعيشه الانسان و يعبر عنه بطريقته، و إن من يبعث تلك البطاقات المعطرة الحمراء إنما يقدم مشاعرَ مزورة لا تمت لوجدانه بخفق و لا لشعوره بإحساس!
اليوم أقول الشيء ذاته مع ظاهرة النسخ و اللصق التي سلبت التهاني و التبريكات وجهها الوهاج و حرارتها المتأججة، فأصبحت حديثا معادا و فضلة حروف لاكتها كل الألسنة، و لامستها كل الأنامل..فارحمونا يرحمكم الله، فقد مُلئت هواتفنا صورا ميتة وعابرات مكررة باردة، منزوعة الطعم والقيمة!
و من أراد أن يعايد فليرسل نقطة أو إشارة استفهام أو إشارة تعجب.. فَرُب إشارة خير من ألف نسخ و لصق!!