المشروع الحضاري للأمة العربية والشروط العشرة لتحقيقه/ المنجي الشعري
لكل من ارتضى الهوية العربية عنوانا لمشروعه…
المشروع الحضاري للأمة العربية …والشروط العشرة لتحقيقه….
إن أهم شرط لنجاح المشروع الحضاري للأمة العربية يتمثل في ضرورة استقالة الصف الأول للتجارب القومية الفاشلة وإعطاء الفرصة لجيل الشباب المجدد وأكيد سيجد الحلول المناسبة ويحول الخريف العربي إلى ربيع حقيقي يحقق أمل الأمة والشعب في اللحاق بالأمم الأخرى. فالانغلاق هو سبب تخلف القوميين.
كما أن المشروع الحضاري للأمة العربية أصبح أكثر نضجا من دعاة الوحدة أنفسهم باعتبار أن المشروع الحضاري للأمة يعبر عن آمال الشعب العربي من المحيط إلى الخليج في حياة كريمة في ظل وطن امن مستقل يملك قراره الوطني. ولتحقيق وتجسيد هذا المشروع لا بد من توفر الشروط التالية:
– أولا هزيمة الدولة الإقليمية وإنهاء دورها المدمر للنسيج الاجتماعي للشعب العربي المسلم عبر نسج تحالفات داخلية وخارجية موضوعها سرقة مقدرات الشعب المادية وهويته القومية .
– ثانيا هزيمة المشروع الصهيوني الملتحف بالدولة الدينية في فلسطين من خلال تفكيك دولة العصابات الصهيونية المتحالفة مع الدولة الإقليمية والاستعمار . – ثالثا تفكيك المشروع الاستعماري عبر إلحاق الهزيمة بالنظام الرأسمالي الربوي المبني على قانوني الربح والمنافسة في السوق الحرة حيث يتحول الإنسان إلى بضاعة.أي أن المشروع الحضاري للأمة سيكون شريك في تحرير الإنسانية من الرأسمالية والامبريالية التي تريد أن تلغي تعدد الأمم والحضارات وتحويلها إلى حضارة مادية تموت فيها قيم الإنسانية التي زرعها الله في هذا الكون وهي بذلك تعمل على إلغاء سنة التعدد والتنوع والاختلاف في الكون . – رابعا الاستثمار في الإنسان هو أساس المشروع القومي عبر التعليم والتكوين وتنمية المهارات وتعلم التكنولوجيات الحديثة ويبدأ بتحرير إرادة الإنسان العربي من الاستبداد الداخلي وهذا التحرر يكون رديف حياة سليمة وتوفير الخدمات الأساسية للإنسان وإعطائه الفرص للإبداع والخلق والإضافة عبر رصد ميزانيات تنموية تنهض بالإنسان.العربي.وتحرره من التبعية للخارج حيث يتم تحرير مقدراته المادية والعقلية والنفسية.بحيث يجسد الإنسان حريته المثلى. – خامسا بناء الدولة الديمقراطية المبنية على التعددية على أسس المؤشر المنهجي الحضاري للأمة ونعني بالديمقراطية هنا الديمقراطية الاجتماعية وليس الديمقراطية الليبرالية المبنية على أسس المنهج الليبرالي الفردي. فالديمقراطية الشعبية لها آلية خاصة تحتاج إلى إبداع غير مسبوق في التنظيم يعمل على إدماج المجتمع في القرار السياسي المباشر، وليس عن طريق النظام النيابي المبتدع غربيا. – سادسا بناء نظام اقتصادي ديناميكي يقوم على آليات البحث العلمي وما توصل إليه العلم الاقتصادي في الإدارة والتنظيم حيث المركزية المرنة المبنية على حرية القرار الاقتصادي في الإنتاج والتوزيع وفي تنظيم العملية المالية والاستثمارية من خلال خطة أو خطط متكاملة تخضع للحساب الاقتصادي،الماقبلي والمابعدي، وتمتاز بمرونة مرور المعلومات وانسيابها مع تخفيف القيود البيروقراطية التي أفسدت التجربة الاقتصادية الاشتراكية وحصر آليات العمل الاقتصادي في القدرة على التنبؤ بالنتائج وردودفعل المستهلك التي تتغير حاجياته كميا ونوعيا،مع تحديد للمصلحة العامة والقدرة على المراجعة في كل لحظة من خلال علم التسيير والبرمجة.
– سابعا إبراز العنصر الأساسي للهوية العربية والمتمثل في الإسلام كقيمة حضارية تجسدت في الشخصية العربية المسلمة على السجية التي يحاول البعض تشويهها والتسويق لعروبة معزولة عن تاريخها .فلا يمكن أن نتحدث عن مستقبل الأمة العربية بدون الحديث عن القيم الإسلامية في أبعادها الثلاثة الشعائر ،الشرائع والقيم الأخلاقية التي تمثل أساس الشخصية العربية وتميزها على باقي الأمم حتى المسلمة منها. وفي الوقت ذاته مواجهة المشاريع الدينية الطائفية المزروعة في الوطن العربي والتي تطرح نفسها بديلا عن المشروع الحضاري للأمة،وتحاول أن تلغي الانتماء القومي للعروبة على اعتبارها هوية قومية نقيضا للمشاريع الفوق قومية وللمشاريع الإقليمية والشعوبية. – ثامنا ونحن نتحدث عن المستقبل فإن المشروع الحضاري للأمة له أبعاد إنسانية تتصل بالقضايا العادلة للشعوب الباحثة عن الحرية، من خلال الاشتراك فيها وعدم الاندماج في الأحلاف والصراعات الدولية إلا بالقدر الذي يخدم حرية الإنسان وانعتاقه في هذا الكون المتعدد. – تاسعا إن الانطلاق إلى مشروع الوحدة تبرز مشروعيته في فشل الدولة الإقليمية في الحفاظ على السيادة وتحقيق الرفاه للإنسان العربي والدور التخريبي الذي تلعبه عبر نسج تحالفات مع قوى عدوة للأمة في الهوية وتعمل على تدميرها وتوظيف إمكانياتها في تطوير مجتمعاتها على حسابها. وهو ما نشهده اليوم في أن الدولة القطرية أصبحت تشتري الحماية من عدوها نفسه بالمال وإهدار آلاف المليارات على الأسلحة التي يتم توظيفها ضد الأمة. إن سقوط الدولة الإقليمية أدى إلى انكشاف النظام الإقليمي العربي.الذي أصبح يعمل جاهدا على تصفية فلسطين وبيعها في إطار صفقات دولية لا مصلحة لالشعوب فيها بقدر ما هي حماية لعروش وأنظمة انتهى دورها. – عاشرا أن مشروع التوحيد يبنى على آليات متعددة منها الحزب والجبهة والدولة النواة المركزية والدول التي تشتبك مع العدو، وأساسها القوى المقاومة غير النظامية لما تملكه من مرونة في خلق قاعدة العمل المشترك بين قوى متعددة تشترك في بعض الأهداف،ولكن تملك قرارها بعيدا عن القانون الدولي. وهو ما يعطي الفسحة للشباب العربي للمشاركة في تحرير الأمة وتوحيدها وبناء دولة المواطنة الديمقراطية التي تتحكم في سير العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والله الموفق والسلام” .
المنجي الشعري باحث في التاريخ المعاصر وإعلامي من التلفزيون التونسي