بعض خطباء الجمعة ينفصلون تماما عن المصلين/ المرتضى محمد أشفاق
مشكلة بعض خطباء الجمعة أنهم ينفصلون تماما عن المصلين، فيظلون يخطبون في واد، ويبقى المصلون يحسبون الدقائق ليتخلصوا من قبضة الأئمة المطولين..ألا يعرف الأئمة أن عربيتهم لا تتجاوز حناجرهم، وكل فائض المعارف من الأحكام المدعومة بالأنظام لا يستمع إليها أحد، ولا يفهمها أغلب الناس..حتى الذين يفهمونها لا يصغون إليها، أحرى أن يتدبروا مضامينها لخلوها مما يهنم الناس من أمور دنياهم…
أثناء بعض الخطب الطويلة، وغياب ما يشد إليها، أداء ومواضيع، أجدني شاردا على فرس أفكاري، أطوي القارات، وأنبش في مقابر التاريخ، وأسبح في بحار الحقب المتراكمة..وجدتني مرة أستحضر اسم سيارة حمراء لأحد زملائي، وكان اسمها غريبا، وقادني ذلك إلى قناعتي المبكرة أن زميلا لي آخر كان مشروع سائق فاشل لأنه(شوكه) عندما كان يقود سيارة (تنباس)..
شردت إلى سنة 1981، عندما كنت وزميلي ولد الشيخ نحفظ كتاب الغربال لنعيمه في دار محمد عبد الرحمن ولد الرباني..
وطرت إلى تمبدغه وذلك الرجل الأسمر بالإدارة الجهوية بلبراكنه يروي لي تفاصيل تحرير رجال من أهل ألاك لأغنام مسروقة، وقد استعصم اللصوص بالغابات الموحشة، والسلاح، فتمكن ألئك من أسْرهم، وإحضارهم مع جميع المسروقات، واستقبلهم الحاكم بحفل بهيج..
وجدتني أنظر إلى أستاذي الأول للفرنسية بإعدادية ألاك(76/75) السيد (با فارا) الذي كان يحملني على رقبته بين المؤسسة والمدينة نظرا لصغر حجمي..
طرت إلى (آكرراي) في تلك الليلة المقمرة التي(ارتبط) فيها رأسي، فأصبحت أرى البدر كأنه يشرق من الغرب، تذكرت زميلي في التيار الناصري (خليفة) ونحن نقترب من قريته، قرية السياسة..ثم مهرجاننا في (لتفتار) ذلك الضحى الجميل..أنا الآن أرى (توماس سانكارى، والقذافي، وحسين هبرى مع هيداله) مصطفين لحضور إحدى القمم…انتبهت لجلوس الإمام بين الخطبتين لأنني كنت أسافر على وقع حروفه..في تنبكتو تذكرت طرفة (جمال ولد الحسن) عندما ظل يسمع في بلاد السودان القوم يقولون: (ما ج حد كاع من الكبله؟)أو (الكبله اليوم ما طلصت حد)، ويعنون ب(الكبله) (باسكنو، وفصاله، وتمبدغه)..فيقول (جمال):( يخوت آن هذا بعد زكت الخير)..تذكرت أيضا أستاذنا للتربية الإسلامية في بوكى (أحمد المصطفى)، وهو خريج الأزهر، وخطه الجميل، وصوته الجذاب يحكي لنا مشاهد من جنازة (عبد الحليم حافظ)…وانتبهت لجلوس التشهد الأخير، لأنه قطع الأصوات التي كنت أرحل بها، ولما قضيت الصلاة وأنا أعتمد على رجل لأريح أخرى من حر الرمضاء، وجدتني لا أعرف بأي السور صلى الإمام…