canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

الحوار الوطني في موريتانيا: مسؤولية وطنية تتجاوز الظرفية / محمد ولد لحظانا

في سياق سياسي يتسم بالهدوء والانفتاح، وفي ظل ظرفية داخلية لا تستدعي حوارًا سياسيًا ملحًا، جاءت مبادرة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بدعوة الطيف السياسي الوطني إلى نقاش شامل، تجسيدًا لنهج التهدئة الذي تبناه منذ توليه المسؤولية، وترجمة عملية لحرصه المستمر على توسيع قاعدة المشاركة وترسيخ مناخ الثقة بين مختلف مكونات المشهد الوطني.

ورغم وضوح الدعوة ووجاهة توقيتها، تلوح بوادر تردد من بعض الأطراف المعارضة في التجاوب معها. وهو تردد يبدو خارجًا عن سياق اللحظة، ويكاد يُفرغ المبادرة من مضمونها الوطني، إن لم يُفهم كما لو كان ردًا سلبيًا على انفتاح اختارته الدولة بإرادة سيادية، لا تحت ضغط أو إكراه.

فالواقع أن هذا الحوار لا يأتي استجابةً لاضطرار ولا لحاجة استعجالية، بل هو ثمرة استقرار سياسي نادر في المنطقة، ونتاج رؤية استباقية تُعلي من شأن الشراكة الوطنية في صنع القرار. ففي غياب الأزمات الدستورية، واستقرار المؤسسات، وانفتاح الفضاء العمومي، تبدو موريتانيا اليوم في وضع يسمح لها بتنظيم حوار وطني من موقع قوة لا من منطلق ضعف.

وتعكس الجبهة الداخلية – كما تظهر في مواقف القوى السياسية والاجتماعية والمرجعيات الوطنية – حالة من التماسك والارتياح العام لما تحقق من إنجازات، سواء على صعيد الخدمات، أو الحريات، أو دعم الفئات الأكثر هشاشة.

أما النظرة الخارجية إلى موريتانيا، فقد بلغت أفضل حالاتها منذ الاستقلال، حيث يُنظر إلى البلاد كفاعل إقليمي متزن، يحظى بالمصداقية والاحترام، وقد انعكس ذلك على ثقة الشركاء الدوليين، وفي طليعتهم المؤسسات المالية الكبرى، التي باتت تتعاطى مع المشاريع الوطنية بثقة واهتمام، ما يشكّل عنصرًا حاسمًا في تعزيز مسيرة التنمية.

وفي هذا السياق، أتوجه بقدر من الرجاء إلى الجهة القائمة على تنسيق الحوار، لتكون حريصة على توجيه النقاش نحو ما يعزز المكتسبات ويكرس مناخ الاستقرار والانفتاح، بعيدًا عن إعادة إنتاج ملفات أنهكتها التجاذبات أو طواها الزمن.

فليس من مصلحة الحوار ولا من روح المبادرة أن يُفتح الباب لمسائل تجاوزتها البلاد معالجةً وتدبيرًا، أو لا تلامس وجدان المواطن، لأن الحوار الجاد لا يُدار بعقلية الأرشيف، بل بروح المستقبل.

إن إنجاح هذا المسار يقتضي أن يظل النقاش منصبًا على ما يخدم التطلعات الحقيقية للمواطن، لا على ما يُنعش ذاكرة الخلاف أو يُعطي مساحة للجدل العقيم، فذلك من شأنه أن يُربك الحوار ويُفرغه من معناه.

وفي هذا الإطار، من المهم أن تلتزم الجهة المنظمة بالنقل الأمين لما يتوصل إليه النقاش من آراء، دون انتقاء أو تصفية، لما في ذلك من تعزيز للمصداقية وضمان لنجاح المسار. غير أن ذلك لا يعني أن يكون الحوار ساحة مفتوحة لكل خطاب، بما في ذلك ما هو بعيد عن المصلحة الوطنية أو فاقد للجدية.

فالاحترام المسؤول للرأي يتطلب فرزًا واعيًا، يحافظ على جودة النقاش، ويضمن أن يكون الحوار قريبًا من الناس، متصلًا بحياتهم اليومية، لا غارقًا في التنظير أو الترف الفكري.

فما ينتظره المواطنون هو أن يثمر الحوار مخرجات واضحة تؤثر في السياسات العمومية، وتُسهم في تقدم التنمية، لا أن يتحول إلى مناسبة خطابية عابرة، أو أداة للتموضع السياسي لدى البعض.

ومن هذا المنطلق، فإن استخدام هذا الفضاء كوسيلة للظهور الإعلامي أو تجميل المواقف يُضعف المسار، ويُفرغه من روحه. فالجدية تقتضي التركيز على جوهر المصلحة العامة، وتجنب كل ما من شأنه التشويش أو الإلهاء.

لقد قدمت الدولة كل ما يلزم من حسن النية، وفتحت باب الحوار على مصراعيه، دون إقصاء ولا شروط، واضعةً الجميع أمام فرصة وطنية نادرة.

وفي هذا السياق، أتوجه بنداء إلى الطيف السياسي، معارضةً وموالاة، بأن يكون في مستوى اللحظة، ويساهم في إنجاح هذا المسار بروح مسؤولة
فالمعارضة مطالبة بتجاوز منطق الانتظار والمناورة، والانخراط بروح بناءة، تعبّر عن صدق المساهمة في خدمة الوطن. وعلى الموالاة من جهتها أن تدرك أن الوفاء لنهج الرئيس يقتضي مشاركة جادة وفعالة، لا تقتصر على تكرار الشعارات أو الأداء الاستعراضي، لأن منطق الاصطفاف لا يُسهم في بناء التوافق.
فما يتطلع إليه المواطن اليوم هو ارتقاء جماعي في الممارسة السياسية، يُعلي من شأن الوطن، ويستجيب لتطلعات الناس، في لحظة فارقة لا تحتمل التراخي ولا التوظيف.
هكذا أفهم ما يجب أن يكون عليه الحوار أفهم الحوار، كما أراده فخامة رئيس الجمهورية، لحظة نضج وطني، لا مناسبة ظرفية.
أفهمه فرصة لتغليب المصلحة العامة على الاعتبارات الضيقة، ومجالًا لتقاطع الأفكار لا لتصادم المواقع.

الحوار الحقيقي هو الذي تُشارك فيه المعارضة بمسؤولية، وتسهم فيه في بناء المستقبل، لا اجترار الخلافات.
وهو أيضًا الذي تنخرط فيه الموالاة بروح تعكس وعيًا برسالة الرئيس، لا تكرارًا آليًا للشعارات.

أفهم الحوار بوصفه تمرينًا على الوفاء لتطلعات الناس، لا على تحسين الصورة.
وأفهمه كتعبير عن سيادة القرار، لا عن ضغط اللحظة.
وأفهمه – أخيرًا – باعتباره لبنة في مشروع دولة تحتضن الجميع، وتصغي لشعبها لا لضجيج اللحظة.

هكذا أفهم الحوار: دعوة للارتقاء، لا مجال للمراوغة؛ أداة للبناء، لا ساحة لتصفية الحسابات


محمد ولد لحظانا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى