آراءموضوعات رئيسية
إسبانيا ودورها الجديد في العالم العربي والإسلامي فرصة تاريخية أم رهان صعب؟ / محمد ولد شيخنا

في ظل اهتزاز التحالفات التقليدية وظهور توازنات جديدة، تجد مدريد نفسها أمام ضرورة استكشاف آفاق أوسع، فمع التغيرات الجيوسياسية المتسارعة وما تحمله من عدم يقين، تبرز أمام إسبانيا فرصة تاريخية لإعادة تقييم موقعها الدولي، مستندة إلى بعدها المتوسطي والعربي-الإسلامي التاريخي ، ليس كبديل لإنتماءاتها الأوروبية والأطلسية، بل كإمتداد طبيعي لموقعها الجغرافي وتاريخها العريق.
فإلى أي مدى تمتلك إسبانيا الإرادة و الاستراتيجية اللازمة لتعزيز حضورها في التوازنات الإقليمية، بالاستفادة من إرثها الأندلسي وصلاتها التاريخية مع العالم العربي والإسلامي؟.
إسبانيا بين التاريخ والجغرافيا: فرص ومسارات
لطالما شكّلت إسبانيا جسراً للحضارات، فهي وريثة إرث قرطبة، التي كانت في عصرها “دمشق الغرب”، كما أن علاقاتها مع شمال إفريقيا تمتد لقرون طويلة، أما جغرافيًا، فإن قربها من المغرب العربي، إلى جانب روابطها الثقافية والاقتصادية مع الدول العربية، يمنحها موقعًا استراتيجيًا لتعزيز دورها كجسر بين أوروبا والعالم العربي.
في هذا السياق، تعكس المشاريع الكبرى، مثل النفق المزمع إنشاؤه تحت مضيق جبل طارق، استعداد إسبانيا لتعميق ارتباطها بالعالم العربي، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضًا من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.
هل يمكن لإسبانيا لعب دور محوري في القضايا الإقليمية؟.
مع إعادة تشكيل التحالفات الدولية، تمتلك إسبانيا فرصة لتوسيع أدوارها في القضايا التي تهم العالم العربي والإسلامي، فقد انتهجت مدريد تقليديًا سياسة متوازنة تجاه الملفات العربية الكبرى، مثل القضية الفلسطينية واستقرار منطقة المغرب العربي، إلا أن المرحلة الحالية تتيح لها إمكانية لعب أدوار أكثر فاعلية في مجالات مثل أمن الطاقة، التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، وإدارة الأزمات الإقليمية.
لقد كان اعترافها العام الماضي بالدولة الفلسطينية، إلى جانب دول أوروبية أخرى، لحظة تعكس رغبة مدريد في تعزيز حضورها الدبلوماسي في هذا الملف وغيره، مما قد يمنحها تأثيرًا أكبر في مسارات الحلول السياسية المستقبلية.
استلهام التجربة التركية: مقاربة تستحق التأمل؟
يمكن للتجربة التركية أن تشكل مصدر إلهام لإسبانيا، حيث نجحت أنقرة في تحقيق توازن دبلوماسي بين التزاماتها الغربية و أدوارها الإقليمية. فعلى الرغم من ارتباطها بحلف شمال الأطلسي وسعيها للاندماج الأوروبي، نجحت تركيا في بناء سياسة خارجية متوازنة مكنتها من تعزيز دورها الإقليمي في العالم الإسلامي والفضاء التركي دون التخلي عن مصالحها الغربية.
على هذا الأساس، يمكن لإسبانيا أيضا أن تطور مقاربة خاصة بها تستفيد من تعددية انتماءاتها، بما في ذلك علاقاتها القوية مع أمريكا اللاتينية، لتكون صلة موثوقة بين أوروبا والعالم العربي والإسلامي وأمريكا اللاتينية. كما يمكنها أن تساهم في صياغة علاقات أكثر توازنًا بين الشمال والجنوب، سواء في البحر الأبيض المتوسط أو عبر الأطلسي.
آفاق جديدة: إسبانيا و مقعد مراقب في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؟
يمكن لإسبانيا أن تسعى للحصول على وضع مراقب في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما قد يمنحها منصة لتعزيز الحوار وتعميق تعاونها الإقليمي، دون أن يتعارض ذلك مع التزاماتها الأوروبية والأطلسية.
لكن يبقى التساؤل قائمًا: هل تجد مثل هذه الفكرة الصدى المناسب في الأوساط الدبلوماسية الإسبانية؟ وما مدى استعداد مدريد لتبني مقاربة أكثر انفتاحًا تجاه هذه الديناميكيات الجديدة؟.
التحديات والفرص: بين الواقعية و الطموح
نعم اي توجه استراتيجي جديد لا يخلو من تحديات، فمن ناحية، قد تواجه إسبانيا ترددًا داخليًا بشأن تعميق علاقاتها مع العالم العربي، ومن ناحية أخرى، فإن التعقيدات التي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية تتطلب نهجًا مدروسًا وتدريجيًا.
ورغم ذلك، تظل الفرص قائمة، مما يستدعي تبني رؤية حصيفة تراكمية تعتمد على التعاون العملي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل الاقتصاد والطاقة والثقافة، بدلًا من الاقتصار على المقاربات السياسية التقليدية.
خاتمة: هل تتجاوز إسبانيا الدور التقليدي نحو أفق جديد؟.
يبقى القرار بيد مدريد: هل تستفيد من فرصها الاستراتيجية لتعزيز دورها، أم تكتفي بدورها التقليدي دون استثمار لفرص الإمكانات المتاحة؟.
بالطبع ليس المطروح التخلي عن أي من انتماءاتها، بل فقط توسيع دائرة حركتها الدبلوماسية والاقتصادية وتنويع أدواتها، فإسبانيا، بخلاف بعض القوى الأوروبية الأخرى، لا تحمل إرثًا استعماريًا ثقيلًا في المنطقة، مما يمنحها فرصة للعب دور أكثر توازنًا وتأثيرًا في المشهد الجيوسياسي.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن إسبانيا، وسط عالم يعيد تشكيل موازينه، من توظيف موقعها وتاريخها لتعزيز دورها كجسر بين أوروبا، والعالم العربي والإسلامي، وأمريكا اللاتينية؟.
محمد ولد شيخنا.
فإلى أي مدى تمتلك إسبانيا الإرادة و الاستراتيجية اللازمة لتعزيز حضورها في التوازنات الإقليمية، بالاستفادة من إرثها الأندلسي وصلاتها التاريخية مع العالم العربي والإسلامي؟.
إسبانيا بين التاريخ والجغرافيا: فرص ومسارات
لطالما شكّلت إسبانيا جسراً للحضارات، فهي وريثة إرث قرطبة، التي كانت في عصرها “دمشق الغرب”، كما أن علاقاتها مع شمال إفريقيا تمتد لقرون طويلة، أما جغرافيًا، فإن قربها من المغرب العربي، إلى جانب روابطها الثقافية والاقتصادية مع الدول العربية، يمنحها موقعًا استراتيجيًا لتعزيز دورها كجسر بين أوروبا والعالم العربي.
في هذا السياق، تعكس المشاريع الكبرى، مثل النفق المزمع إنشاؤه تحت مضيق جبل طارق، استعداد إسبانيا لتعميق ارتباطها بالعالم العربي، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضًا من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.
هل يمكن لإسبانيا لعب دور محوري في القضايا الإقليمية؟.
مع إعادة تشكيل التحالفات الدولية، تمتلك إسبانيا فرصة لتوسيع أدوارها في القضايا التي تهم العالم العربي والإسلامي، فقد انتهجت مدريد تقليديًا سياسة متوازنة تجاه الملفات العربية الكبرى، مثل القضية الفلسطينية واستقرار منطقة المغرب العربي، إلا أن المرحلة الحالية تتيح لها إمكانية لعب أدوار أكثر فاعلية في مجالات مثل أمن الطاقة، التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، وإدارة الأزمات الإقليمية.
لقد كان اعترافها العام الماضي بالدولة الفلسطينية، إلى جانب دول أوروبية أخرى، لحظة تعكس رغبة مدريد في تعزيز حضورها الدبلوماسي في هذا الملف وغيره، مما قد يمنحها تأثيرًا أكبر في مسارات الحلول السياسية المستقبلية.
استلهام التجربة التركية: مقاربة تستحق التأمل؟
يمكن للتجربة التركية أن تشكل مصدر إلهام لإسبانيا، حيث نجحت أنقرة في تحقيق توازن دبلوماسي بين التزاماتها الغربية و أدوارها الإقليمية. فعلى الرغم من ارتباطها بحلف شمال الأطلسي وسعيها للاندماج الأوروبي، نجحت تركيا في بناء سياسة خارجية متوازنة مكنتها من تعزيز دورها الإقليمي في العالم الإسلامي والفضاء التركي دون التخلي عن مصالحها الغربية.
على هذا الأساس، يمكن لإسبانيا أيضا أن تطور مقاربة خاصة بها تستفيد من تعددية انتماءاتها، بما في ذلك علاقاتها القوية مع أمريكا اللاتينية، لتكون صلة موثوقة بين أوروبا والعالم العربي والإسلامي وأمريكا اللاتينية. كما يمكنها أن تساهم في صياغة علاقات أكثر توازنًا بين الشمال والجنوب، سواء في البحر الأبيض المتوسط أو عبر الأطلسي.
آفاق جديدة: إسبانيا و مقعد مراقب في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؟
يمكن لإسبانيا أن تسعى للحصول على وضع مراقب في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما قد يمنحها منصة لتعزيز الحوار وتعميق تعاونها الإقليمي، دون أن يتعارض ذلك مع التزاماتها الأوروبية والأطلسية.
لكن يبقى التساؤل قائمًا: هل تجد مثل هذه الفكرة الصدى المناسب في الأوساط الدبلوماسية الإسبانية؟ وما مدى استعداد مدريد لتبني مقاربة أكثر انفتاحًا تجاه هذه الديناميكيات الجديدة؟.
التحديات والفرص: بين الواقعية و الطموح
نعم اي توجه استراتيجي جديد لا يخلو من تحديات، فمن ناحية، قد تواجه إسبانيا ترددًا داخليًا بشأن تعميق علاقاتها مع العالم العربي، ومن ناحية أخرى، فإن التعقيدات التي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية تتطلب نهجًا مدروسًا وتدريجيًا.
ورغم ذلك، تظل الفرص قائمة، مما يستدعي تبني رؤية حصيفة تراكمية تعتمد على التعاون العملي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل الاقتصاد والطاقة والثقافة، بدلًا من الاقتصار على المقاربات السياسية التقليدية.
خاتمة: هل تتجاوز إسبانيا الدور التقليدي نحو أفق جديد؟.
يبقى القرار بيد مدريد: هل تستفيد من فرصها الاستراتيجية لتعزيز دورها، أم تكتفي بدورها التقليدي دون استثمار لفرص الإمكانات المتاحة؟.
بالطبع ليس المطروح التخلي عن أي من انتماءاتها، بل فقط توسيع دائرة حركتها الدبلوماسية والاقتصادية وتنويع أدواتها، فإسبانيا، بخلاف بعض القوى الأوروبية الأخرى، لا تحمل إرثًا استعماريًا ثقيلًا في المنطقة، مما يمنحها فرصة للعب دور أكثر توازنًا وتأثيرًا في المشهد الجيوسياسي.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن إسبانيا، وسط عالم يعيد تشكيل موازينه، من توظيف موقعها وتاريخها لتعزيز دورها كجسر بين أوروبا، والعالم العربي والإسلامي، وأمريكا اللاتينية؟.
محمد ولد شيخنا.