canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

موريتانيا والتضحية المؤجلة: قراءة ناصرية في أزمة الفعل السياسي / قاسم صالح

نعم، لقد أصبحنا نرضى لأنفسنا ولغيرنا بالقليل من التضحية، وبتنا نبشر بالنقد بدل أن ننخرط في الفعل. أصبحنا نلوك شعارات المقاومة كما تلوك العلكة، ونرفع رايات النضال كما ترفع الزينة في المناسبات، ثم نطويها عند أول صوت للراحة أو أول وهم للسلام.
لقد صرنا نؤجل كل فعل، ونقدس كل تحليل، ونعلق الخلاص على شماعة الظروف، أو على مبادرة لم تأت بعد، أو قائد لم يولد بعد. وهذه الحالة ليست مجرد خلل فردي أو ضعف تنظيمي، بل هي مؤشر عميق على أزمة وعي، وغياب مشروع، وانفصال بين القول والعمل.
تحول النقد، الذي كان أداة تحرير ومساءلة، إلى عادة ثقافية فارغة تمارس للهروب من المسؤولية. لقد صار البعض بارعا في تشريح العطب، لكنه عاجز عن تقديم العلاج. نكتب عن فلسطين ، لكن لا نساهم في تحريرها. ندين الفساد، ثم نصمت حين يمر قربنا. ننتقد الاستبداد، ثم نبايع المستبد حين يكون من قبيلتنا أو حزبنا او من تخاف بطشه.
قال الزعيم جمال عبد الناصر:
(الكلام سهل، والكلام كتير، واللي بيضيعنا هو الكلام اللي من غير فعل… ما أسهل أن نقول، وما أصعب أن نعمل)
وهذا القول يصف بدقة ما تعيشه شعوبنا اليوم، من كثافة في الأقوال، وندرة في الأفعال.
وإذا أردنا نموذجا واقعيا على هذه الأزمة، فلننظر إلىواقعنا موريتانيا، فبلدنا الذي يمتلك من المقومات ما يكفي لأن يكون منارة تحرر، لكنه غرق في مرايا التردد، والانتظار، وتسويات الصمت.
موريتانيا التي أنجبت مناضلين كبارا، وطلابا رفعوا رايات الحق في وجه الأنظمة، وعمالا سطروا ملاحم الكرامة في المناجم والشوارع و السجون، تعيش اليوم حالة من التيه السياسي والجمود الشعبي.
إن النخب فيها عاجزة – إلا من رحم ربك – عن الانتقال من نقد النظام إلى صناعة البديل، ومن المعارك الانتخابية الضيقة إلى معارك التأسيس الوطني.
لقد انكمش المشروع القومي التحرري، وتراجع الفعل النقابي، وأُجهضت المبادرات الحقوقية. بينما تتعزز الزبونية، ويتحول الوعي إلى ولاء، وتنمو طبقة من -المثقفين الحذرين- الذين يقيسون كلماتهم بميزان السلطة، لا ميزان الوطن.
نحن بحاجة إلى أن نعيد فتح كتاب جمال عبد الناصر في هذه الذكري 23 يوليو لا لنمجده ، بل لنفهم المعنى العميق لما قاله:
(إذا كنا نريد أن نصنع المستقبل فعلينا أن نتحمل تبعاته… لا يمكن أن نستورد الحرية أو نستجدي الكرامة، بل نبنيهما كما تبنى الأوطان، بالطين والعرق والدم)
إنها دعوة لرد الاعتبار للفعل، لا الاكتفاء بالصوت. دعوة لإحياء التضحية كمنهج حياة، لا كشعار في ذكرى الشهداء.
فهل آن الأوان أن نخرج من أسر التحليل إلى نور الفعل؟
هل يمكن أن نعيد صياغة العمل السياسي في موريتانيا بعيدا عن التوازنات الهشة؟
هل نستطيع أن نقول إن الزمن القادم هو زمن الجبهة العريضة، لا الزاوية الضيقة؟
زمن المشروع، لا الموقف العابر؟
زمن الثابت لا المتحول في كل موسم؟
نعم اعرف ومعكم آن نقد بلا بديل… طريق إلى الهزيمة
قال عبد الناصر:
(إن النضال لا يقاس بالنتائج السريعة، بل بالإصرار على الطريق، والإيمان بالمبدأ، والثبات عند الشدائد)
وهذا ما نفتقده اليوم في أحزاب تبدل مواقفها كل موسم، وفي نخب تكتب حسب الطقس السياسي، وفي جماهير تم تجويعها حتى نسيت الحلم.
لكن الشعوب لا تموت، والأمم لا تقبر، مادام هناك من يؤمن بأن الكرامة لا تؤجل، وبأن الموقف مسؤولية، وبأن التضحية هي بداية الطريق.
إننا في لحظة فاصلة، لا تحتمل مزيدا من التنظير.
موريتانيا لا تحتاج إلى مزيد من الوعود، بل إلى جيل يحمل مشروعا، ويجترح طريقا، ويدفع الثمن.
جيل لا يخشى أن يقال عنه (مجنون) لأنه قال لا، ولا يطمئن إلى أنصاف المواقف.
جيل ناصري في قلبه، وحداثي في عقله،ومسلم في دينه وجذري في التزامه.
فلنطلق هذه الصرخة – من نواكشوط إلى القدس –
لا نقد بعد اليوم بلا تضحية،
ولا كلمة بلا فعل،
ولا مشروع بلا ثمن.


قاسم صالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى