canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

لما يتكلم الوزراء الأولون… / عبد القادر ولد محمد

في أعقاب الانتخابات الرئاسية لسنة 1992 راج خبر مفاده أن الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع استقبل مبعوثًا رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي قدّم له التهاني بمناسبة فوزه، فانتهز المبعوث الفرصة لينصحه بأخذ نفوذ المعارضة بعين الاعتبار، ويُقال إن الرئيس باغته باقتراح مثير حول إمكانية تعيين زعيم المعارضة أحمد ولد داداه وزيرًا أول، إن هو قبل، غير أن هذا الأخير، حسب ما يُروى، اعتبر الفكرة مزحة سيئة الإخراج وضربًا من العبث لا يليق بمقامه.
بغض النظر عن مدى صحة هذه الرواية، فقد رأى بعض المراقبين في إشاعتها رسالة انفتاح، تهدف إلى إشراك المدنيين في السلطة من خلال منصب الوزير الأول، وهو منصب استحدث آنذاك بموجب دستور 1991.
وقد وقع الاختيار فعلًا على أحد أبرز أطر الدولة كفاءة وهو صاحب المعالي سيدي محمد ولد بوبكر، كما نُقلت إلى الوزارة الأولى صلاحيات واسعة كانت متمركزة في الرئاسة، تتعلق بتسيير مصالح الدولة، والتشريع، والصفقات، وغير ذلك من المهام الأساسية.
منذ ذلك التاريخ، صار الوزير الأول، بحكم الدستور، شخصية مدنية محورية في النظام السياسي، وعلى مدى ثلاثة عقود، كان اختيار الوزراء الأولين يتم غالبًا من بين شخصيات مرموقة، مشهود لها بالكفاءة أو بالوزن السياسي، ومعظمهم من خريجي الجامعات أو المدارس الكبرى.
وباستثناء فترة حكم الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رحمه الله ظلوا جميعًا يعملون إلى جانب رؤساء ذوي خلفية عسكرية، في نوع من تقاسم السلطة بقمة هرم الدولة.
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا: ماذا قدّم هؤلاء الوزراء الأولون لتكريس دولة القانون والمؤسسات؟، هل كانت صلاحياتهم معطّلة بسبب هيمنة الرؤساء العسكريين أم أنهم عجزوا عن ممارستها بفعل عوامل أخرى؟.
مهما يكن لقد أصبح الوزير الأول بحكم الدستور شريكًا أساسيًا للرئيس في إدارة شؤون الدولة، يتقاسم معه الكثير من أسرارها وخفاياها، وهو ما يعزز مكانته ودوره المحوري، غير أن هذه المكانة تقترن بمسؤولية جوهرية اي بتطبيق القانون وضمان احترامه، فلا شيء في النصوص يمنع الوزير الأول من ذلك، بل العكس هو الصحيح، فصلاحياته الواسعة تخوله أن يكون الضامن الأول لعلوية القانون في تسيير الشأن العام.
المفارقة التي تستوقفنا هنا أن الوزير الأول الأسبق يحيى ولد حدمين أشار في شهادته إلى أن المؤسسة العسكرية أعجبته في احترامها للنصوص القانونية خلال تجربته وزيرًا للدفاع، وهي مفارقة تدعو للتأمل: لماذا يجد بعض المدنيين، وزراء ومسؤولين ذوي تكوين عال، سهولة في التحايل على القانون أو احتقاره، بينما تتمسك مؤسسة ذات طابع عسكري بصرامة النصوص واحترامها؟.
ومن خلال تجربتي الشخصية في مجلس الوزراء، طالما أبديت تحفظات قانونية على بعض المقترحات، وكان الرئيس معاوية يرجّح كفّة الرأي القانوني، لكن في المقابل، أسوأ وظيفة شغلتها من موقع الموظف كانت منصب المستشار القانوني، حيث عاينت عن قرب كيف يستخف بعض المدنيين من ذوي التكوين الجامعي بالنصوص القانونية ويتعاملون معها كحواجز شكلية يمكن تجاوزها.
حاصله لما يتحدث الوزراء الأولون عن الإدارة، والقانون، والصفقات، ستنكشف أمام الرأي العام حقائق عميقة، وسيعرف الشعب في النهاية من أكل خبزه، ومن التزم حقًا بخدمة دولة القانون والمؤسسات.


عبد القادر ولد محمد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى