توجد بين الحق والباطل أمور مشتبهات.. / المرتضى محمد أشفاق

توجد بين الحق والباطل أمور مشتبهات، وبين الكرامة الخارقة والاستدراج أمور ملتبسات، وفي الرقاة غموض بين الشرع والدجل، وطبيعي أن تختلف آراء الناس، وانطباعاتهم حول هذه الأمور..
تصديق الكرامة الخارقة ليس واجبا، وعدم تصديقها ليس حراما..
لكن، هل الله أقدر على استدراج العبد، من إكرامه وتخصيصه ببعض فضله؟ لما ذا نشرد إلى التفسير بالدجل والخرافة كلما أظهر الله على أيدي بعض عباده كرامات، وخوارق لا نفهمها ولا تستوعبها عقولنا القاصرة؟ وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة: (ورب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره)..
تحكيمنا لعقولنا القاصرة في قدرة الله المطلقة، شبيهة-ولله المثل الأعلى-بجري الجمل المقيد وراء الجمل المطلق فكيف يدركه؟ والله يفعل ما يشاء لمن يشاء إذا شاء، والعبد لا حول له ولا قوة إلا بالله، أما تحكيم ناموس الكون، وقانون الطبيعة في ما يمكن أن يكون فغفلة عما حدث من معجزات كلها تخالف قانون الطبيعة وناموس الكون، وهي واردة في الوحيين قبل التواتر..كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم، والأصل أن تحرق النار، فكيف انقلبت إلى الضد؟ وصار البحر يبسا لموسى، واليبس عكس الماء، فكيف ينلقب الماء إلى ضده؟ وأحيا عيسى الموتى، والموت عكس الحياة، ولا بعث قبل يوم القيامة، ولا موت إلا مرة واحدة، فكيف يحيا الميت قبل البعث، وكيف يموت الإنسان مرتين؟ هذا كله مناف لناموس الكون وقوانين الطبيعة، أما معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم فكثيرة صحيحة في كتب الأحاديث والسير، وكل هذا حدث بأمر الله وإرادته، فهل تعطلت قدرته عز وجل، ولم يعد فعالا لما يريد، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا..
وأهل الكرامات عادة لا ينسبونها لأنفسهم، ولا تزيدهم إلا تواضعا، وإيمانا بالعبودية المطلقة لله، ولا يحبون إشاعتها في الناس لعلمهم أن لا حول ولا قوة لهم في حدوثها، ولخوفهم من نسبتها إليهم منفصلة عن أمر الله، فيظن الجاهل أنهم يفعلون ما يشاؤون فيضل.
لكن علينا أن نحذر العامة من الانبهار حد التأليه لمن تظهر له كرامات وخوارق، فتنصرف عن الخالق إلى المخلوق، وتعطل الفعل عن فاعله الحقيقي.. والغريب أن منكري الكرامات، والخوارق يشبهون العامة في هذا، فالعامة المفرطة في التقديس والتأليه، والخاصة المفرطة في التكذيب والإنكار يشتركون في تعطيل الفعل عن فاعله الحقيقي، وتحويل المفعول له إلى فاعل..
فيلتبس أصحاب الكرامات عندهم بممارسي الشعوذة، والسحر، والدجل، وشتان ما بين الساحر الدجال المستعين بالشياطين، وعبد الله الصالح، القانت، المخبت، الغائب في الله عما سواه، المتبرئ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته…
المصدر: الفيسبوك – صفحة المرتضى محمد أشفاق.


