canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

الخوف وتبرير المعاناة أرويلية كنموذج لتحليل البنية السياسية والاجتماعية الموريتانية / قاسم صالح

ترتبط فلسفة جورج أورويل كما تتجلى في روايته 1984 ومقالاته السياسية – بفكرة مركزية مفادها أنّ الأنظمة القمعية لا تعتمد فقط على العنف المباشر، بل على إدارة الخوف وتطبيع البؤس بوصفهما آليتين لإعادة إنتاج السيطرة. وفي ضوء هذه الفلسفة، تكتسب العبارة (اجعلهم جزعاء ثم اقنعهم أن الجوع قدر) دلالة تحليلية عميقة يمكن استدعاؤها لفهم آليات الحكم في المجتمعات التي تعاني هشاشة مؤسساتية وتفاوتات اقتصادية راسخة.
نسعى إلى مقاربة الواقع الموريتاني بمنظور أرويلي، عبر تحليل تفاعل الخوف الاجتماعي والاقتصادي مع خطاب تبرير المعاناة، وتأثير ذلك على بنية الوعي والسلطة.
الخوف الاقتصادي هشاشة المعاش وغياب الضمانات:
يمثل الخوف من الفقر أحد أعمدة السيطرة في السياق الموريتاني؛ إذ يعيش جزء معتبر من المواطنين ضمن اقتصاد هش يعتمد على قطاعات غير مهيكلة.
بطالة موسمية عالية، تفاوت كبير في توزيع الثروة، تبعية واسعة لشبكات النفوذ الإداري والسياسي، هذا الواقع يجعل الأفراد في حالة جزع بنيوي يمنعهم من المطالبة بحقوقهم، ويحول الحاجة اليومية إلى وسيلة لضبط السلوك السياسي والاجتماعي.
الخوف الاجتماعي إعادة إنتاج العصبيات التقليدية:
تشكل البنى القبلية والشرائحية في موريتانيا نظاما موازيا للدولة، يستخدم لإنتاج ولاءات بديلة تقوض مفهوم المواطنة الحديثة. والخشية من (الآخر الداخلي) سواء كان قبيلة، أو شريحة، أو مكونا ثقافيا تعيد إنتاج التوتر وتبقي المجتمع في حالة يقظة دفاعية تمنع بروز خطاب وطني جامع.
بهذا تتحول العصبيات إلى أدوات لإدارة الخوف، وتصبح الدولة وسيطا بين جماعات متوترة، وليست حكما فوقها.
الخوف السياسي تضييق المجال العمومي:
تحرص السلطة السياسية على تقديم أي مطالب إصلاحية جذرية بوصفها تهديدا للاستقرار، ويتم استدعاء (هاجس الفوضى) كخطاب رسمي ومجتمعي يجعل المواطن يرى النقد تهديدا، والاحتجاج انزلاقا، والمطالبة بالحقوق مغامرة غير محسوبة.
يتقاطع هذا تماما مع منطق أورويل السيطرة على الوعي بالخوف أخطر من السيطرة بالقوة.
بعد تثبيت الخوف، تنتقل آلية السيطرة إلى الخطوة الثانية التي أشار إليها أورويل، وهي إضفاء طابع القدرية على الفقر والمعاناة.
الجوع كحتمية جغرافية:
يتكرر في الخطاب الرسمي أنّ موريتانيا (بلد صحراوي)، وأن محدودية الموارد (قدر لا يمكن تغييره)، في تجاهل للعوامل السياسية المرتبطة بإدارة الثروة، وسوء التخطيط، والفساد البنيوي، وغياب الاستثمار في الإنسان.
هكذا ينقلب الفقر من مشكلة سياسية إلى مشكلة طبيعية، الأمر الذي يلغي إمكانية مساءلة السلطة.
الجوع كثمن للاستقرار:
يتحول الفقر في بعض الخطابات إلى ثمن مطلوب (لحفظ الأمن)، وكأن التنمية تهديد لا ضرورة. وتطرح مقولة (الأمن قبل كل شيء) على أنها مبدأ مطلق، مع أن الأمن الحقيقي لا ينفصل عن العدالة الاجتماعية وفعالية المؤسسات، لا عن الركود والرضوخ.
الجوع كأداة ولاء انتخابي:
بحكم غياب سياسات الرعاية الشاملة، تستمر آليات الزبونية السياسية التي تعتمد:
توزيع إعانات ظرفية
شراء الولاءات عبر النفوذ الإداري
ربط فرص العمل والتعيينات بالانتماء السياسي أو القبلي
بهذا يستخدم الجوع ليس بوصفه قدرا فحسب، بل كأداة سياسية في حد ذاته.
يتيح المنظور الأرويلي قراءة البنية السياسية الموريتانية باعتبارها بنية تعتمد على معادلة مزدوجة.
نتاج الخوف عبر الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية
وتطبيع المعاناة عبر خطاب القدرية الجغرافية والثقافية.
هذه المعادلة تنتج ما يمكن تسميته بـ (الدولة الرخوة) التي تفتقر إلى مشروع وطني جامع، وتكتفي بإدارة الأزمات بدل حلها. وهكذا يصبح الاستقرار الظاهري نتيجة جمود لا نتيجة عقد اجتماعي فعّال.
من زاوية تحليلية نقدية، يتبيّن أن تجاوز هذه البنية يتطلب:
صياغة مشروع الدولة على أساس المواطنة بدل العصبية
إعادة توزيع الثروة عبر سياسات اجتماعية جادة
بناء اقتصاد إنتاجي لا ريعيواستعادة المجال العمومي كفضاء للنقاش والمحاسبة.
كما تبرز الحاجة إلى دور ثقافي وفكري يعيد للمجتمع ثقته بذاته، ويحرّر الإنسان من الخوف، ويعيد تفسير المعاناة بوصفها نتيجة خيارات سياسية يمكن تغييرها، لا قدرا منزلا.
إن العبارة الأرويلية (اجعلهم جزعاء ثم اقنعهم أن الجوع قدر) ليست وصفا للتشاؤم بقدر ما هي أداة تحليل تكشف العلاقة المعقدة بين السلطة والوعي والمعاناة في المجتمعات الهشة. وفي الحالة الموريتانية، تظهر الحاجة الملحّة إلى تفكيك هذه العلاقة عبر مشروع وطني حداثي يعيد الاعتبار للمواطنة، ويستبدل سياسة الخوف بسياسة العدالة، ويحوّل الدولة من جهاز لإدارة الضعف إلى مؤسّسة لصناعة التنمية.


قاسم صالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى