أميركا وأوروبا والصحراء على خط العلاقات الموريتانية ـ الاسرائيلية.. الوزير الأول إلى تل آبيب
نواكشوط- الشيخ بكاي- (أرشيف)- أثار قرار الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع إيفاد وزير خارجيته شيخ العافية ولد محمد خونه الى اسرائيل للتهنئة باتفاق “واي بلانتيشن” تساؤلات في العواصم العربية عن مغزى هذا التحرك وخلفياته، في حين قابله الشارع الموريتاني بالحيرة والاستياء.
وفور اعلان الفلسطينيين والاسرائيليين التوصل الى اتفاق “واي” باشراف الأميركيين بادر ولد الطايع الى ارسال ثلاث برقيات واحدة الى الرئيس ياسر عرفات وأخرى إلى الرئيس بيل كلينتون والثالثة الى نتانياهو لكن هذه البرقيات لم تكفِ اذ أوفد الرئيس الموريتاني وزير خارجيته الى اسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية للقاء عرفات ونتانياهو. واستقبل الموريتانيون في المعارضة والموالاة الأمر بالاستياء وفي حين وجهت المعارضة نقداً لاذعاً علنياً للتحرك سيطرت الحيرة والاستياء المكبوت الا في المجالس الخاصة على مؤيدي ولد الطايع.
ويرفض الموريتانيون أصلاً وجود علاقة مع “الكيان الصهيوني”. وعلى رغم ان ولد الطايع استطاع على مدى الـ 24 سنة المنصرمة من حكمه جذب غالبية من الموريتانيين لمساندته في معظم السياسات التي ينتهجها إلا أنه بخصوص العلاقة مع اسرائيل ظل يسير بمفرده، وأطلق الموريتانيون على مقر اقامة رئيس مكتب الارتباط الاسرائيلي في نواكشوط “البيت الأجرب”. ولا يجد معارضو “التطبيع” مع اسرائيل ان لدى موريتانيا مبرراً واضحاً للاستعجال في اقامة علاقات مع نظام ظلت تعاديه لأسباب ما تزال قائمة وقطعت علاقاتها مع الولايات المتحدة بسبب انحيازها إليه.
ولكن ما هي خلفيات “الهرولة” الموريتانية؟ ولماذا اختار ولد الطايع هذا الوقت بالذات لايفاد وزير خارجيته الى اسرائيل.
حينما أقامت موريتانيا علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل اسوة بتونس والمغرب والأردن كانت تخضع من جهة لضغوط أميركية تتمثل بالتلويح بالحصار بسبب الموقف الموريتاني في حرب الخليج وقضايا محلية تتعلق بقمع حركات الموريتانيين السود، ومن جهة ثانية لضغوط من اسبانيا وفرنسا الشريكيين الأوروبيين اللذين يتوسطان لها مع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط الرافض بعضها انتماء موريتانيا للمجموعة المتوسطية التي كانت تعد لعقد اجتماع في برشلونة. وقد عقد خلال المؤتمر أول لقاء بين وزير خارجية موريتانيا ونظيره الاسرائيلي وأعلن في الوقت نفسه اقامة مكتبين للارتباط في كل من نواكشوط وتل أبيب.
ويقول مطلعون على الشأن السياسي الموريتاني ان لدى ولد الطايع هاجس البحث عن دور لبلاده في المنطقة المغاربية بجوار المغرب الذي ظل حتى العام 1973 يطالب بانضمام موريتانيا اليه ويرفض الاعتراف بسيادتها.
وهناك أيضاً قلق إزاء ما سيؤول اليه الأمر في الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وبوليساريو والتي اقتسمتها موريتانيا مع المملكة المغربية قبل أن يقرر العسكريون الموريتانيون الانسحاب اثر انقلاب عسكري نفذوه العام 1987.
ويبدي بعض الموريتانيين مخاوف من أن تكون الحلول المرتقبة على حساب البلد سواء نظم استفتاء تقرير المصير مع نهاية هذا العام أم لم ينظم.
ومن السيناريوهات المحتملة انكفاء بعض الصحراويين الرافضين للانضمام الى المغرب بأسلحتهم الى الشمال الموريتاني في حال حسم الأمر لمصلحة المغرب. وهناك احتمال أن تتطاير شظايا الحرب الى موريتانيا في حال استمرار الوضع على حاله واطالة أمد الصراع نتيجة التداخل والارتباط بين الموريتانيين والصحراويين.
تفاصيل النشر:
المصدر: الوسط
الكاتب: الشيخ بكاي
تاريخ النشر(م): 9/11/1998
تاريخ النشر (هـ): 20/7/1419
منشأ: نواكشوط
رقم العدد: 354
الباب/ الصفحة: 6 – سبعة أيام