موريتانيا: 2004 عام تحكمت فيه مضاعفات الاحداث في العام الذي سبقه
كان العام 2004 في موريتانيا عام خصب من حيث كميات الامطار التي يتوقف عليها قطاع من أهم ركائز الاقتصاد في البلد هو قطاع الزراعة وتنمية الماشية، غير أن هذا العام ظل محكوما بمضاعفات أحداث جرت في العام السابق عليه تمثلت في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وانقلاب عسكري فاشل دشن سلسلة من المحاولات الانقلابية كان آخرها قبل ثلاثة شهور.
كان الاعلان عن تشكيل جبهة معارضة في الخارج تدعو العسكريين إلي قلب نظام الحكم ، وكذا الاعلان عن إحباط محاولة انقلابية في اغسطس الماضي أهم ما ميز العام 2004 في موريتانيا.
غير أن الموريتانيين ظلوا منشغلين بمضاعفات أحداث السنة السابقة خصوصا انقلاب يونيو من العام 2003 الذي سيطر خلاله العسكريون علي العاصمة نواكشوط لمدة يومين.
وكذا الانتخابات الرئاسية التي سجن في إثرها عدد من زعماء المعارضة من بينهم الرئيس السابق محمد خونه ولد هيداله الذي كان منافسا قويا للرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع في تلك الانتخابات.
ويصف عضو اللجنة التنفيذية في حزب التحالف الشعبي المعارض عام 2004 كما يلي: “كانت سنة مليئة بالتوترات والاضطرابات والمشاكل، وأعلن فيها من الانقلابات ما يعكس هذه الحالة”.
غير أن كابر ولد حمودي المسؤول في الحزب الجمهوري الحاكم يري أن هذا العام كان عاما للحسم ورفع التحديات:”أقول الآن بثقة واعتزاز إن بلادنا استطاعت كسب هذا الرهان: رهان الامن والاستقرار بعد الكشف عن تفاصيل المخططات التآمرية ضد البلاد والقبض علي معظم الانقلابيين وإحالتهم علي العدالة الموريتانية”.
لكن لولد الناتي وجهة نظر مغايرة:” الانقلابات التي حدثت هي في النهاية محصلة لهذا الاضطراب. وأعتقد أن مقولة الأمن والاستقرارأصبحت هي الأخري محل الجدل ، وأصبح مشكوكا فيها، ولم تعد مسلمة”.
ويتحدث المسؤول في الحزب الحاكم عن ما يصفه برفع التحدي الثاني بعد إحكام السيطرة علي الوضع الامني:” التحدي الثاني الذي عرفته بلادنا في الآونة الأخيرة تمثل في الوفاء بالاستحقاقات الدستورية.
وقد اعتقد العديد من المراقبين أن المحاولة الانقلابية ستؤدي إلي تأجيل تلك الانتخابات إن لم تسبب إلغاءها وإعلان حالة الطوارئ” .
ولا يوافق ولد الناتي علي ذلك:” أريد أن اقول في البداية إن الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة كانت نوعا من انتكاس الديمقراطية والعودة بها إلي الوراء” .
وظهرت ليبيا علي واجهة الأحداث في موريتانيا خلال هذا العام إذ قالت الحكومة إن الجماهيرية تقدم الدعم المالي واللوجستي لمنظمة فرسان التغيير العسكرية التي تعمل في الخارج علي قلب نظام الحكم بالقوة.
كابر ولد حمودي مرة أخري: ” بات واضحا بالأدلة والشواهد مدي تورط النظامين الليبي والبوركينابي في هذه المحاولات تأطيرا وتجنيدا وتدريبا وتسليحا” .
وتشكك المعارضة في هذه التهمة.
يقول محمد الامين ولد الناتي: “هذه الادعاءات دائما يقدم عليها النظام و كثيرا ما … تشفعها ادعاءات أخري بأن الجهة الفلانية في الخارج – تارة العراق أو ليبيا- وأخيرا أصبحت بوركينافاسو أومالي. ولا مانع من أن يبتدع النظام أعداءا خارجيين آخرين ” .
وتوجه أصابع الاتهام إلي المعارضة الموريتانية بتشجيع العمل الانقلابي، ويحاكم هذه الأيام ثلاثة من زعماء المعارضة من بينهم الرئيس السابق هيداله، والمعارض البارز أحمد ولد داداه بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية.
لكن ولد الناتي يعتبر هذه التهمة مجرد تلفيق:” العنف رفضناه وكان متاحا لنا أن نتبناه لو شئنا. وكلكم يعرف أن الدولة انفرط عقدها، وسادت الفوضي لمدة يومين علي الاقل… 48 ساعة قضاها البلد من دون حاكم. ولو كان هناك نية لدي المعارضة لاستغلال هذا الفراغ السياسي لنزلت إلي الشارع ” .
يتطلع الموريتانيون إلي أن تكون سنة 2005 أكثر هدوءا بعدما يسدل الستار علي ملفات الانقلابات العسكرية.
ويتطلعون أيضا إلي الرخاء، في ضوء الاعلان عن البدء في استغلال النفط قبل منتصف العام…. التفاؤل الذي يرد علي لسان ولد حمودي: ” تتطلع بلادنا إلي تغير نوعي في اقتصادها مع البدء في استغلال موارد إضافية جديدة كالذهب والبترول والنحاس، وهي خامات سيبدأ استغلالها في سنة 2005 ” .
ولعل العلامة البارزة علي طريق العام 2004 هي اكتمال البناء في 53 مكتبة انجزت بأمر من الرئيس الطايع في إطار خطة تثقيفية وتعليمية تستند إلي تعميم فصول محو الأمية وفتح المكتبات في كل مقاطعات البلد.
ديسمبر 2004
تقرير إذاعي لـ”بي بي سي من الشيخ بكاي
99 تعليقات