الحكومة الموريتانية تفرص حظر التجول وتنزل قوات إلى الشارغ بعد احتجاجات
غير أن الاحزاب السياسية واصلت انتقادها للحكومة مستفيدة من استياء شعبي عام من اجراءاتها الاقتصادية الأخيرة.
وانبرت وسائل الاعلام الرسمية للدفاع عن السياسات الاقتصادية التى تنتهجها الحكومة، وخصوصا المتعلقة بالتوقيع على اتفاق مع صندوق النقد الدولي يصل حجم التسهيلات الممنوحة لموريتانيا بموجبه الى نحو 390 مليون دولار، اسفر عن حدوث أخطر أزمة تعرفها البلاد منذ استقلالها قبل ثلاثين عاما.
وارتفعت اسعار السلع اول من امس الى ما يتراوح بين 50 و80 فى المائة اثر خفض قيمة العملة المحلية، واعلان البدء فى تنفيذ شرط آخر لصندوق النقد الدولي يقضى بعدم تدخل الدولة فى تحديد الاسعار واطلاق يد عوامل السوق لتحديدها.
وعمدت السلطات على الاثر الى فتح محلات صغيرة لبيع بعض المواد الاستهلاكية. وينتظم المواطنون في طوابير طويلة أمام هذه المحلات. كما حملت السلطات التجار مسؤولية ارتفاع الاسعار.
وعقد وزير التخطيط محمد ولد ميشيل، ووزير المال كان الشيخ، ومحافظ البنك المركزي الموريتاني مصطفى ولد عبيد الرحمن مؤتمرا مشتركا وهاجم خلاله ولد عبيد الرحمن التجار، وقال:”ان القيادة الوطنية فكرت فى انعكاسات الاصلاح النقدي على السوق، ووفرت ما يكفى البلاد من حاجاتها الاستهلاكية حتى كانون الثاني (يناير) المقبل. ودفعت بالاسعار السائدة قبل تخفيض العملة، وليس من المعقول ان يرفع التجار الاسعار”.
وهدد محافظ البنك المركزي بتطبيق القانون على المضاربين، وأشار الى أن من واجب الحكومة حماية المواطنين بالتدخل لتحديد اسعار السلع.
ونفى ان تكون الاوقية (العملة الموريتانية) خفضت بنسبة تصل الى 42 فى المائة. وقال ان النسبة الحقيقية تبلغ28 فى المائة. وعزا التدني فى سعر العملة بالمقارنة مع العملات الصعبة، والذى يقارب 42 فى المائة الى عوامل السوق.
غير ان زعيم المعارضة احمد ولد داداه، وهو محافظ سابق للبنك المركزي الموريتاني، قال:” إن هذه مراوغة، والتخفيض يصل الى 42 فى المائة حسب الارقام التى نشرها البنك المركزي”. واتهم السلطات بخداع المواطنين،ومحاولة تمرير تخفيض العملة بنسبة غير معلنة.
وقال ولد داداه لــ “الحياة”ان الحالة الراهنة” دليل على انهيار كامل للأوضاع”.
واستبعد أي تعاون مع السلطات للخروج من الأزمة الحالية، وقال إن الصيغة الوحيدة للتلاقى تتمثل فى” تشكيل حكومة انتقالية تعيد الانتخابات”.
وبدا حزب التجمع من أجل الديموقراطية والوحدة الذى يقوده الوزير السابق احمد ولد سيدي بابا – وهو ابن عم الرئيس الموريتاني- اقل تشنجا. وقال ناطق باسم الحزب لــ “الحياة” ان الوضع يتطلب تعاونا بين الحكومة والأحزاب غير انه انتقد السلطات واتهمها بتجاهل الاحزاب.
وساد الهدوء العاصمة الموريتانية نواكشوط امس بعد تظاهرات اسفرت الاحد عن حرق عدد من السيارات والحاق اضرار بعدد من المراكز التجارية. ولم يذكر شيء عن وقوع اعمال شغب فى مناطق اخرى .
وترابط اعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة حول الاسواق، والمراكز الرئيسية فى العاصمة، وتقوم باعمال الدورية فى النهار قبيل سريان مفعول حظر التجول اعتبارا من ليل الاحد – الاثنين.
وحاول حزب الاتحاد الشعبي الذي يقوده مرشح الرئاسة السابق محمد محمود ولد اماه تنظيم اجتماع حاشد للاحتجاج على السياسات الاقتصادية، غير ان السلطات منعته،ولاحقت قوات الامن مؤيديه الى خارج المكان الذى كان مقررا عقد الاجتماع فيه.
” الحياة ” اللندنية
1994
101 تعليقات