موريتانيا والاجماع العربي
نواكشوط- الشيخ بكاي- لماذا كسرت الحكومة الموريتانية الاجماع العربي وأرسلت وزير الخارجية الداه ولد عبدي إلى إسرائيل؟ ولماذا اختارت هذا التوقيت في ظل رفض حكومة ارييل شارون للنداءات الدولية الداعية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات ونبذ استخدام القوة؟
تبريرات الحـكومة الموريتانية التي جاءت على لسان وزير الاتصال الرشيد ولد صالح، هي ببساطة: نواكشوط أرادت اسماع إسرائيل وجهة نظرها الداعية إلى العـودة إلى طاولة المفــاوضات ونبذ استخدام القوة. لكن ما لم يقله الوزير أيضاً هو أن العرب يتساهلون مع دولة عربية أخرى كبيرة، في ظروف مشـابهة، بالاتصال بإسرائيل، فلماذا لا تجرب دولة صغيرة فرص مبادرات مماثلة؟
في الواقع لا يمكن استبعاد ضغوط أميركية على موريتانيا في خلفيات لتقوية علاقتها بإسرائيل، لكن هناك أسباباً أخرى لهذا التمرد على النظام العربي. من دون شك اخطأ النظام الموريتاني بتطبيعه مع إسرائيل المرفوض شعبياً، وبخرقه لاتفاق عربي مرحلي وموقت، بعدم الاتصال بالدولة العبرية، لكن النظام العربي برمته يتحمل الخطأ بانفتاحه أمام الإسرائيليين قبل الاوان، وبكيله بمكيالين، واخطأ بعض العرب بالاستخفاف بالدول العربية الصغيرة والفقيرة، ومنها موريتانيا.
ويتأثر النظام الموريتاني كثيراً بعبارات الاستخفاف، ولا ينسى كثيرون هنا عبارات زعيم عربي قال: “وحتى موريتانيا.. وسأسحب اعترافي بعروبة موريتانيا”. ويذكر كثيرون عبارات مسؤول فلسطيني يتحدث عن ضرورة التصالح مع مصر بعد كامب ديفيد، لأن “مصر ليست موريتانيا ولا جيبوتي”. ولم يفت على النظام الموريتاني ما ورد في تعليق لمسؤول عربي مفاده أن الموقف الموريتاني “لا يهدد التضامن العربي”.
ويشعر ولد الطايع بخيبة أمل من العرب منذ العام 1989 حينما تعرض 500 ألف موريتاني في السنيغال للقتل والنهب خلال المواجة بين البلدين، فقد امتنع كل العرب، باستثناء العراق، عن دعم نواكشوط، ووقف بعضهم إلى جانب داكار.
ولا يخفي مسؤولون كبار الامتعاض من العلاقة مع إسرائيل، لكنهم يلفتون إلى أن موريتانيا ليست وحدها التي تقيم علاقات كاملة مع إسرائيل، وما تقوم به الحكومة الموريتانية الآن، في نظرهم، “من أجل فرض أن تعامل نواكشوط كما يعامل المطبعون”.
جريدة الحياة اللندنية
25 مايو 2001