شعر وقنابل غاز و”نفايات” اسرائيلية في التحقيق مع زعيم المعارضة الموريتانية
ويجري التحقيق، ربما للمرة الأولى في موريتانيا، في شكل يحترم الاجراءات القانونية اذ سمح لمحامي الدفاع، وهم كثيرون، بحضور الاستجواب. وعلى رغم ان محامين احتجوا لأن النيابة العامة مثلت بعدد أكبر من المنصوص عليه، فإن حضور هيئة الدفاع اعتبر فأل خير، خصوصاً ان هذه الاجراءات القانونية “جداً” تأتي مباشرة بعد أخرى غير قانونية اطلاقاً تمثلت في اعتراض سيارة ولد داداه عند مغيب الشمس، وفي ركن منعزل نسبياً حيث احتجز يومين في ضيافة “أمن الدولة” ليحل بعد ذلك ضيفاً على صحراء “بومديد” لفترة شهر. وقبل ان يرتاح من السفر ويذوق طعم قرار “اطلاقه واثنين من زملائه “استيقظ” القانون – كما يبدو أو كما تقول ألسنة السوء – وأصر على ان ينفض عن الثلاثة رمل الصحراء، ويداوي آثار لسع البعوض في “ضيافة” الأمن.
وتسابق الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى. و”طيب الذكر” رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو على تقديم الأدلة الكافية لإدانة ولد داداه، أو هذا على الأقل ما خيل لمن استمع الى الحضور المكثف في التحقيق في ما ينتجه الرجلان. فزهير أنتج شعراً و”نتن ياهو” ينتج سموماً.
قال القاضي لولد داداه وهو يتصفح أوراقاً وقصاصات من الصحف: هل في حوزتك أدلة على الاتهام الذي ورد على لسانك في حق الدولة من أنها سمحت لاسرائيل بدفن نفايات نووية في البلد؟ ورد ولد داداه بأنه قرأ الخبر في الصحف وطلب تشكيل لجنة لتحقق في الأمر. وسئل: “هل سمعت تكذيب الحكومة ولماذا لا تكتفي به”؟
وبـپ”ديبلوماسية” زائدة أجاب: “الحكومة تكذب علينا في أمور نعرفها فكيف نصدقها في ما لا نعرف”؟
وانتقل القاضي من السموم الاسرائيلية الى شاعر جاهلي حكيم في عصره “محرض” على العنف في “بلد المليون شاعر” هو زهير بن أبي سلمى. ففي معرض الحديث عن العنف واتهام زعيم المعارضة بالدعوة اليه احتج القاضي ببيت من الشعر قال ان ولد داداه استخدمه في احدى خطبه: “ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم”. ولعل هذه هي المرة الأولى التي يساءل فيها موريتاني في حفظ الشعر العربي القديم الذي يردده الراعي الأمي وهو يحدو قطيع الإبل في الصحراء الموريتانية، أو يجلس حول نار مع أقرانه من الرعاة وهم يتبارون في حفظ اشعار زهير وامرئ القيس وحسان بن ثابت وأبي نواس وابن زيدون.
نقيب المحامين الموريتانيين محفوظ ولد بتاح قال: لـ “الحياة” انه على رغم الاحترام النسبي للشكل فإن “التهمة لا تمت بصلة الى الوقائع التي سئل فيها المتهم” أي موضوع اسرائيل خصوصاً.
وأثار التحقيق مع ولد داداه شغباً أمام قصر العدالة، أدى الى جرح شخصين حين استخدمت الشرطة قنابل غاز.
14 فبراير 1999- جريدة الحياة اللندنية
تعليق واحد