“شيوخ” يفتلون ضفائر فتاة في الثلاثين حبل إنقاذ…
الناها بنت مكناس تخلف والدها في رئاسة حزب
نواكشوط – من الشيخ بكاي
“هلك قوم ولوا أمرهم امرأة”، هكذا يعتقد عادة معظم كبار السن من الرجال الموريتانيين، لكن الشيوخ الحكماء في حزب “الاتحاد من أجل الديموقراطية والتقدم” الموريتاني، فتلوا ضفائر فتاة في الثلاثين من العمر حبل انقاذ علقوا به مصير الحزب، بعد وفاة رئيسه الوزير حمدي ولد مكناس.
ففي المؤتمر الطارئ للحزب الذي انعقد أول من أمس، تقدمت “الضفائر على اللحى” عكساً للمثل الموريتاني “اللحية تسبق الضفيرة”، وانتخبت الناهة ابنة حمدي ولد مكناس رئيسة للحزب خلفاً لوالدها. وهي المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة رئاسة حزب في هذا البلد المحافظ. كما يبدو الأمر أيضاً نادراً في عالم عربي تتحكم فيه التقاليد التي لا تمنح المرأة الثقة الكافية.
وانعقد المؤتمر تحت شعار “الوفاء”. هذا الوفاء الذي جعل قادة الحزب يعهدون برئاسته إلى الآنسة الناهة ابنة حمدي ولد مكناس مؤسس الحزب ورئيسه الذي توفي قبل ثمانية أشهر. ومع أنه يقال رسمياً في الحزب إن انتخاب هذه الفتاة الحاصلة على دبلوم عالٍ في التسيير من أحد المعاهد الفرنسية رئيسة لـ”الاتحاد من أجل الديموقراطية والتقدم” لمسة وفاء لوالدها، فإن مراقبين يعتبرون الاجراء حلاً وسطاً بين شخصيات طامحة للقيادة ولا يحصل أي منها على الاجماع، في محاولة من كل طرف، لكسب الوقت في انتظار إعداد نفسه، وتجنيب الحزب انقسامات عصفت بمعظم التشكيلات السياسية في البلد وأخذ منها هذا الحزب ما يكفيه.
وسواء كان “توريث” الآنسة الناهة حزب والدها داخلاً في إطار صراع داخلي، أو كان غير ذلك، فإن كثيرين من مراقبي شؤون الأحزاب في موريتانيا يتوقعون أن يستفيد الحزب كثيراً من الاجراء.
وقد تفاجئ هذه الفتاة، ذات الخبرة القصيرة في السياسة، من يراهنون على ضعف مفترض ذي صلة بالعمر والجنس. فهي لا تخلو من “كارزمية” وتبدو أكثر نضجاً مما يتبادر للناظر إليها انطلاقاً من التجربة والعمر. كما تبدو قادرة على جذب الشباب من الجنسين، إضافة إلى الاهتمام الذي تناله لدى الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع، نظراً إلى صلات التحالف بينه وبين والدها خلال الأعوام الأخيرة.
ولعل الأهم هو ان اقتران الحزب بأسرة مؤسسه سيسمح له بالعيش طويلاً على سمعة رجل له مكانته الكبيرة في البلد، وله العديد من الأصدقاء في الخارج، وترجم كثير من أصدقاء الأسرة من خارج الحزب “الوفاء”، بالحضور اللافت للجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
وأمضى حمدي ولد مكناس 11 عاماً وزيراً في حكومة الرئيس الموريتاني السابق المختار ولد داداه، منها 10 أعوام على رأس الديبلوماسية الموريتانية التي اقترن عصرها الذهبي بهذا الرجل. وتمكن مكناس خلال هذه الفترة من أن يخلق لنفسه مكانة مرموقة بين وزراء الخارجية في العالم العربي وافريقيا، ويفرض حضور بلده. وبفضل مكانته كثر عليه الطلب بعد إطاحة العسكر نظام ولد داداه العام 1978. فعمل مستشاراً لعدد من القادة العرب والافارقة منهم العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، والشيخ زايد بن سلطان، والرئيس السنيغالي عبده ضيوف، وذلك قبل أن يؤسس في 1991 حزب “الاتحاد من أجل الديموقراطية والتقدم”.
رئيسة الحزب الجديدة أعلنت أنها ستواصل خط الوسط ونبذ التطرف الذي انتهجه الحزب في عهد والدها. وقالت إنها ستعمل على تقوية التحالف القائم مع الحزب الجمهوري الحاكم، وهو التحالف الذي ادخل والدها وزيراً في حكومة الرئيس الطايع حتى وفاته. ولا يستبعد ان يتم تعيين الآنسة الناهة في منصب وزاري ممثلة لحزبها. ويقال إن رئيس الجمهورية استقبلها قبل انتخابها رئيسة للحزب.
تفاصيل النشر:
المصدر: الحياة
الكاتب: الشيخ بكاي
تاريخ النشر(م): 20/5/2000
تاريخ النشر (هـ): 16/2/1421
منشأ: موريتانيا
رقم العدد: 13583
الباب/ الصفحة: 6