المعارضة الموريتانية تحذر المجلس العسكري وتشكك في نياته
الشيخ بكاي بي بي سي – نواكشوط
نظمت المعارضة الراديكالية في موريتانيا مهرجانا حاشدا في العاصمة نواكشوط انتقدت فيه المجلس العسكري الحاكم ودعته إلي الحياد في الإنتخابات الرئاسية المقررة في مارس القادم. ويأتي المهرجان في إثر خطاب ألقاه العقيد علي ولد محمد فال رئيس المجلس العسكري وفسرت المعارضة بعض ما ورد فيه بالتمهيد للتمديد لنفسه
وينفعل العقيد فال دائما وهو يلقي خطبه خصوصا حينما يتعلق الأمر بموضوع حساس أو له صلة به هو شخصيا أو المجلس العسكري الذي يرأسه. وكثيرا ما أوقع الرئيس الموريتاني مواطنيه في حيرة حينما يتحدث عن قرارات تتخذ في مستقبل يفترض ألا يكون جزءا منه بحكم انتهاء المرحلة الإنتقالية.ومؤخرا غذي العقيد فال شكوكا موجودة اصلا في نيات العسكريين بشأن ترك السلطة فقد قال ما معناه إنه إذا كثرت البطاقات المحايدة خلال الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية المقررة في مارس القادم ولم يحصل أي مرشح علي الأغلبية المطلقة سيتخذ قرار ما استنادا إلي الدستور الذي لا ينص في الواقع علي جولة ثالثة. وقد فهم في الشارع أن العقيد يمهد بذلك لإلغاء الإنتخابات والتمديد لنفسه. وبرغم أن الرئيس أغلق باب التأويل بإصدار قانون فوري يمنع عد الأصوات المحايدة ضمن الأصوات المعبر عنها فإن أحزاب المعارضة لم تكتف بذلك. وقد رحب الإسلامي البارز جميل منصور أمام نحو عشرة آلاف من أنصارالمعارضة بالقرار:
” من المهم طمأنة المواطنين أن هذه التخريجة الجديدة لم تعد معتمدة أعني بطاقة الحياد التي كان يخشي من أن تحول الأغلبية إلي أقلية لم تعد معتمدة” . غيرأن جميل قلل من أهمية ما وصفه بالأقوال مشيرا إلي أن المعارضة تريد أن تسمع المجلس العسكري يكرر أنه علي الحياد.
وقال مستخدما المثل الموريتاني (من لدغته الأفعي يخيفه الحبل _ :” نحن خارجون من الانتخابات التشريعية والبلدية التي تم فيها التدخل من خلال هيبة الدولة، وترهيب الدولة وترغيبها… ونحن الآن نريد أفعالا لا أقوالا” . وقال: ” نطالب إخوتنا. وأقول إخوتنا في المجلس العسكري بالكف عن أي مستوي من التدخل… وهذا لمصلحتهم ومصلحتنا ومصلحة الشعب الموريتاني والديمقراطية”.
وحذر الإسلامي الذي يقود حركة الإصلاحيين الوسطيين وهي جماعة إسلامية معتدلة غير مرخص لها بالعمل، من أن صبر الموريتانيين نفذ ،مضيفا أن الشعب الموريتاني“بطبيعته متسامح ولا يريد المشاكل والعنف وإسالة الدماء.
وقال إنه ” قد يتصور من يستحضر ذلك أنه في مقدوره الالتفاف الذي بموجبه تسرق العملية الديمقراطية من الشعب ، وهذا تصور غير صحيح” . وأكد منصور أن “صبرالشعب الموريتاني بعد عقود من الاستبداد لا يعني أنه بمقدوره أن يصبر يوما واحدا من الدكتاتورية المقنعة” .
وهدد ولد نصور بعودة المعارضة إلي العنف:
“أريد أن أفهم هؤلاء الحاكمين أننا لم نتعب من النضال، لكننا خففنا عن وعي خطابنا لنساعد في انتقال سلمي للسلطة وهدفنا منها هو ذاك عن حسن نية لتسهيل الإنتقال السلمي… وإذا ضيق علينا وعرفنا أن ما يقال كذبا عادت حليمة إلي عادتها القديمة وقلنا مع أحمد مطر:
أيها الشعب لماذا خلق الله يديك؟
ألتبني عارضيك
حاشا لله، إنما خلق الله يديك
لتأخذ الحكام من أعلا الكراسي
لأسفل قدميك “.
وبرغم أن متدخلين آخرين من أقطاب المعارضة بدوا أقل حدة فإنهم أجمعوا علي التشكيك في نيات الجيش مثل مرشح الرئاسة محمد ولد مولود الذي أكد أن المعارضة ” لا تريد صداما “مع أي أحد، وعليه نريد من شريكنا الحقيقي في العملية السياسية وهو المجلس العسكري والقوات المسلحة أن يكون شريكا أمينا يسير معنا في الطريق نفسه” ، محذرا من أنه لن يقبل أي تدخل:” لقد ولي الزمن الذي تفرض فيه الانتخابات ونتائجها مسبقا”.
غير أن مواطنين عاديين حضروا المهرجان لا يوافقون المعارضة علي اتهامها للسلطة.
وقال أحد هؤلاء إنه “لا مبرر لتكذيب المجلس العسكري. من يكذبونه عليهم تقديم الدليل” .
وقال آخر إن الأمر يتعلق ببرامج المرشحين ،” فإذا كان برنامج المرشح مقنعا لن يحيد عنه أحد وإذا لم يكن كذلك فالمسألة تعود إليه وليس مهما أن يوجهه أحد نحو مرشح أو آخر”، في إشارة إلي مزاعم المعارضة بأن المجلس العسكري يوجه الناخبين إلي وزير الصيد السابق .
ويتوزع الساحة الموريتانية المقبلة علي انتخابات رئاسية حاسمة في مارس القادم معسكران يتألف أحدهما من قوي التغيير بقيادة أحمد ولد داداه التي تتقدم بأربعة مرشحين يفترض أن يتضامنوا مع من يثبت منهم إلي الجولة الثانية.
أما المعسكر الثاني فيضم من كانوا أنصار ولد الطايع الذين يسيطرون علي البرلمان ويتقدمون للإنتخابات بمرشح واحد هو وزير الصيد السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، وتتهم المعارضة السلطة بدعمه، غير أن الأخيرة نفت ذلك مرارا.