موريتانيا ومالي : انقلاب أغسطس ، أزواد ، ومكانة ” الشريك الأهم”
تشهد العلاقات الموريتانية المالية توترا غير معهود، فعلي مدي العقود الماضية ظلت علاقات البلدين تتسم بالود.
وياتي هذا التوتر علي خلفية ما تقول نواكشوط إنه عدم جدية باماكو في محاربة القاعدة ، بل وتغاضيها عن وجود هذا التنظيم بشكل رسمي في صحراء أزواد ( شمال مالي ) .
وتقول مالي من جانبها انها لا تستطيع محاربة القاعدة بمفردها من أجل سواد عيون جارتها التي تعلن الحرب علي السلفيين.
لكن محللين يرون أبعد من ذلك حيث تأخذ موريتانيا ونظامها الذي انبثق عن الانتخابات الرئاسية علي مالي عدم اعترافها بسلطة ” الجنرال” السابق محمد ولد عبد العزيز ورفضها التعامل معه كسلطة امر واقع.
فقد ا تخذت باماكوموقفا مغايرا للسنغال والمغرب حيال الانقلاب في موريتانيا ما أثار حفيظة سلطة ” المجلس الأعلى للدولة”.
ويتطلب فهم علاقات البلدين العودة للوراء . ففي عهد الرئيس الاسبق موسي تراوري الذي كان ” صديقا” مهادنا لم يكن يتردد بحسب العارفين له في احتواء أي موقف من شأنه توتير الاجواء مع الجارة موريتانيا.
و كانت زياراته المكوكية لنواكشوط دليلا على خياره الذي لا يجنح للتصعيد رغم المشاكل الموسمية الناجمة دائما عن توغل مربي الماشية الموريتانيين داخل العمق المالي من اجل الرعي
البعد ” الازوادي” في علاقات البلدين
:
لا يمكن تتبع تعقيدات وتداخل العلاقات دون تناول محطة بارزة فيها هي المسألة “الأزوادية ” فقد جعلت المجازر والتصفيات التي تعرض لها عرب وطوارق مالي على أيدي الجيش المالي في بداية تسعينيات القرن الماضي من موريتانيا ملاذا آمنا للمدنيين ولمشاريع المقاتلين من مختلف الجبهات. هذا الموقف هيأ لنواكشوط أن تستخدم ورقة النازحين الماليين وسيلة ضغط على مالي لحملها على عدم توفير أي ملاذ لنشطاء قوات تحرير الافارقة السود الموريتانيين ” فلام” . وهو ما كان لها. في تلك الفترة المشتعلة حيث استجابت مالي ضمنا لمطالب موريتانيا، ورفضت أن تتحول الى قاعدة خلفية للنشاطات حركة ” فلام” .
وفي المقابل ورغم استقبالها للآلاف من اللاجئين الازواديين امتنعت موريتانيا عن تحويل أراضيها الى منطلق لمعليات حركات المسلحين العرب والطوارق المناهضين للحكومة المركزية
انقلاب 6 أغسطس : القشة التي قصمت ظهر البعير :
وقع انقلاب مفاجئ في موريتانيا بالنسبة إلي دول الجوار ، وقد أدين دوليا كما هو الحال في التعامل مع الانقلابات التي تطيح بأنطمة ديمقراطية.
وكان طبيعيا أن يدينه الاتحاد الأوربي وواشنطن والاتحاد الإفريقي والامم المتحدة، لكن سلطات نواكشوط فوجئت بموقف مالي الذي لم يكن معلنا لكنه في الواقع لك يعترف بالسلطة العسكرية . بل أكثر من ذلك أثار حفيظة نواكشوط عدم استدعائها من قبل جارتها مالي لحضور اجتماع وزاري حول الإرهاب والأمن في الساحل وهي التي ما تزال تكتوي بنار القاعدة في هجوم ” تورين” الذي جاء منفذوه من صحراء شمال مالي وعادوا إليها.
ويتضح رد الفعل هذا من خلال بيان الخارجية الموريتانية الذي قال بأن موريتانيا غير ملزمة بنتائج اجتماع باماكو الوزاري التنسيقي المنعقد في نوفمبر 2008.
وزاد تبعات الموقف المالي تعقيدا رفض الأخيرة الاستجابة لطلب موريتانيا تسليمها مشتبها فيه تقول نواكشوط إنه مطلوب لعدالتها
وعلى العكس من السنغال ، كانت مالي ضمن الحلف الذي لا يبحث لنظام المجلس الاعلى للدولة عن طوق نجاة حيث استقبل مسؤولون من المعارضة المناهضة للانقلاب في باماكو كما نشط المعارض المصطفى ولد الإمام الشافعي لدى سلطات باماكو ضد سلطة محمد ولد عبد العزيز.
كل هذا كان له أثره السلبي ومنع اعادة الدفء لعلاقات البلدين رغم محاولة الرئيس المالي استعادة العلاقات لوضعهما الطبيعي وحضوره لحفل تنصيب الرئيس المنتخب محمد ولد عبد العزيز.
الشريك الأهم:
ويشير مراقبون إلي رغبة انتقامية” لدي حكومة نواكشوط تريد إظهار باماكو ضعيفة وغير قادرة علي أن تكون شريكا مهما في الحرب على القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
ومن شبه المؤكد أن الجزائر وفرنسا بوسعمها إعادة المياه الى مجاريها. فتحفظات نواكشوط قد تزول ، لكن بعدما تحصل على مكانة وتسمية وامتيازات ” الشريك الحازم والقوي” في ما يسمي “الحرب على الإرهاب” في الساحل الافريقي.
وقد أعدت موريتانيا العدة لذلك باجراءات منها النقاط الحدودية الإلزامية وتشكيل وحدات جاهزة للانقضاض على مقاتلي القاعدة عندما يدخلون الأراضي الموريتانية، بل أكثر من ذلك قامت بعمليات عسكرية واستخباراتية ناجحة داخل العمق المالي منها اعتقال ” عمر الصحراوي” مدبر اختطاف الأسبان.
وهي بهذا الموقف الحازم تجاه رفض الحوار أو التفاوض مع من تصفهم ب ” الإرهابيين” نالت رضا الولايات المتحدة وفرنسا .
ويقول مقربون من الحكومة الموريتانية إن موقفها قد يؤتي ثمارا تنفع البلاد في مواجهة القاعدة، وفي تسليح الجيش الموريتاني ومده بالقدرات والتجهيزات ، في حين ترى المعارضة أن توتير الاجواء مع مالي واستدعاء السفير خطوات غير محسوبة لا تنم عن بعد نظر بل تضر بالمصالح الموريتانية مع بلد جار.