canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
تحقيقات ومقابلاتمنوعاتموضوعات رئيسية

على أجنحة التوق (رحلة إلى البادية)/ العالية إبراهيم ابتي

بعد انقضاء أيام الحجر الصحي وما عشنا من القلق والتوتر، وجدت القدر يسوقني لذاك الشغف بالسفر الذي يسكنني، والذي زاد منه حجم الأخبار والصور الواردة عن خريف استثنائي مغرٍ للعيش أياما في أحضان الطبيعة بشكل مختلف.

أبدأ الرحلة وكأنها طريق مرسوم ليتحول إلي طريق مجهول؛ إلي مواقف وتجارب ولحظات لا تنتهي.
وجوه المسافرين تحكي الكثير، تحكي الحلم والألم ولكنها تحكي الاختلاف والتأمل.
أتأمل حقيبتي الصغيرة السوداء التي وضعتها في وضع يسمح لي بوضع كتاب ودفتر أحاول فيه رسم معالم الرحلة، أحاول إخراج الكلمات التي بدأت تتشكل داخلي وأنا أستمتع بشغف وحماس.
الرحلة تكسر رتابة الحياة وتعطينا دافعا إضافيا للمضي في تحقيق أهدافنا بنفس حماس البداية، فكيف إن كانت هذه الرحلة داخل الوطن..
دعوني إذن أحدثكم عن جمال التفاصيل الصغيرة والتعب الممتع والغوص في الطبيعة والإحساس، بجمال الاختلاف وثرائه.
ننطلق من مدينة نواكشوط المسكونة بالرتابة، نتحسس الطريق الصعب يحركنا الشوق والحب… يصمت الجميع ويبدأ صوت السِّحر المنطلق من حنجرة المرحومة ديمي يواسيني وتنساب معه روحي علي شكل دمعة:
فرحني فلعني مخفي @ و ألْ ما نفهم و أنت حشاك
من تخفاك أمساله و اعفي @ ذمبي من ذاك و ذاك و ذاك.
آه…ماذا بعد؟…أكررها بصوت يغالب أنفاسي ونحن نصل لأبي تلميت، كان الجو مغريا جدا للتوقف و لعله وقت مناسب لأخذ قسط من الراحة علي تلك الرمال الحريرية وتذكر أن متعة الشاي لا تكتمل إلا هنا…كيف لا ونحن غير بعيد من “عين السلامة” نتنسم صفاءها فقد مر من هنا قوم كرام تركوا للمكان سحره.
هنا جميع المغريات للكتابة، للحديث، للقراءة، للتأمل…وإعادة رسم حدود الخريطة قبل أن نغادر ولسان حالي يقول:
ودعته وبودي لو يودعني ** صفو الحياة وأني لا أودعه…. الوقت يمضي سريعا ولكنه لن ينسيني تلمس الحصى بأقدامي واستعادة الذكريات.
ثم ننطلق ونعبر “أمبدية بور” وسط مدينة بتلميت، حيث ذاكرة أسفار من الحب والعبودية والخرافات وتشكل المدنية والدولة.
يسكنني الصمت والتأمل، فليس هذا وقت الكلام…أتأمل بائع الخبز وقسمات وجهه المتعب من آثار الدخان وهو يبتسم عارضا بعض خبز الحطب، وتلك الفتاة النحيلة ذات العيون الخجولة وهي تعرض النعناع…هؤلاء هم الوجه الصادق للحياة.
بعد أخذ ورد نواصل الطريق ويغالبني النوم المتقطع بسبب الطريق الرديء والمليء بالحفر، وكأنه يستفزني كي أظل مستيقظة.
أُخرج من حقيبتي رواية “حياة مثقوبة” التي ستشدني شدا وأدخل في عالم آخر من الإبداع.. وفي غمرة ذلك وبعد ساعات أجد ريح “كامور” غير بعيد…حيث المحطة الثانية.
هنا “چوك” حيث جمال ارتفاع الأرض وانتظام الجبال مشكلة سلسلة لعصابة، هنا تعانق الكثبان النخيل والشجر الصخور الملونة…لوحة مغرية للتوقف والتأمل في التفاصيل.
توقفنا عند “اشگيگ” وأخذنا برصِّ كؤوس الشاي في انتظار غروب ليس كالغروب بل إشراقة مسائية ثانية؛ حين تتوسط حمرة الشمس بياض غيوم متكتلة تنتظر استقبال القمر في ليلة تمامه….
ما إن جن الليل حتى دعانا صديق من ساكنة المدينة لتجربة “لعزيب”.. ليست المرة الأولي فقد خبرت المدينة سنين خلت، ولكن تجربة اللحظات الممتعة لاتنقضي…
مر الوقت سريعا وأخجلنا الكرم بكافة أنواعه، بقي معي بعض تفاصيل لوحة بت أتأملها، السماء المكسوة من قطع الغيم وسط القمر المضيء العاكس لضحكات من معي. لا أملك حيال هذه اللحظات إلا أن أستسلم لنفسي وأذهب حيث لا أعود ثم يسرقني النوم من هذه اللحظات.
في الصباح الباكر ألبس حذائي الرياضي وأتناول قنينة الماء أتنفس كأني في حصة “يوغا”، كأن هناك حملا يحتاج الخروج هنا…حتى تشرق الشمس إيذانا بيوم جديد لا أريد التنبؤ به.
آه.. لو بوسعي البقاء هنا، حيث تفاصيل الطبيعة ونقاؤها
إذا أنا لم أذرف دموعي دما فهل@ نجوت ويا كامور هل لي من عذر.
سننطلق باتجاه كيفة المدينة النابضة دوما، على طول الطريق نتعانق مع الصخور الناطقة.. شعرت أن شيئا غريبا يشدني إلي كل حجر فيها.
وما إن وصلنا حتى فكرنا في الذهاب إلى “كنكوصة”، كنت مترددة كثيرا ولكن عهدي بالمكان قبل إنشاء الطريق؛ هو حنين خاص لا يمكنني وصفه ولكنه يشبه الانتماء…تسلق أعلاب “توگ اتغير” كي يكتمل مشهد “لمسيله”، تغير المكان لدرجة كبيرة ولكنه ظل محتفظا بتفاصيله؛ جداول المياه الرقراقة ومعانقة النخيل لها وذاك الهواء المتسلل من بين الأشجار يجعلك تقول:
لمسيله بعد إلى تميت** تذكرها ماخلگت حيله
لمسيله يعگلي فغنيت**ماه كاع ألا لمسيله….
وذاك أص هو بل امنين ** عادت لمسيله لمسيله!
تركت حقيبتي ودفتري في السيارة وجلست وحدي أستمع لصوت قادم من بعيد يهمس لي “أن أحبيكِ”، هل علي اختبار كل الحنين هنا أم استدعاء شعور لا أكاد أحسه حتى يغيب.
سأتوقف عن الشعور والتفكير لبرهة، وأتذكر أن علي مواصلة الطريق.
رغم أن التعب نال منا في منتصف الطريق إلا أن دافعنا للمواصلة كان أقوى بكثير من كل ماخططنا له، حللنا ضيوفا على أهل كيفة الكرام، وأخذنا مانستطيع من الزاد والماء، وانطلقنا باتجاه الطينطان، وبالتحديد “حي اسماليل”..
كان علي إخفاء قلقي بعد أن أضعت محفظتي…كانت دعوة كريمة من صديقة كريمة، أخذنا مجلس “لهو” لا تتخلله غيبة ولا نميمة رغم أننا نسوة…كان الحديث عن المكان وأهله، عن تفاصيل كثيرة وطفقت أصغي لتلك المرأة الفاضلة وهي تحدثني عن أيام خِلت أنني عشتها من متعة الحديث عن البادية والترحال وبساطة الشعور والسعادة بكل شيء.
سيأخذني القمر إليه مرة أخرى لايقطع صفوه إلا التفكير في كل شيء عدا الخروج من هذا العالم الصافي لتكون ليلة غير محسوبة.
أجدد هوايتي في المشي الصباحي التي ستسوقني لمُراح البقر وارتشاف اللبن طازجا.. والأهم محادثة الراعي وهو يربط العجل إلى ساق أمه بفنية لم يعد يلقي لها بالا لفرط تعودها!
يأخذني الوقت وأغادر بشوق مازال يلازمني لمزرعة “افريدي”، حين وصلت سألني الفاضل “حسني” أين أفضل أن أمضي وقتي رددت ببساطة “اتركني هنا”، اشتقت لمنطقة “أفله” الثرية برمالها الناعمة وصخورها المشكلة لوحة فريدة وأوديتها.
المميز هنا إضافة إلى كل ماقد تجده من صفاء، زرع الأشجار والنخيل، وهي فرصة لتجربة تفاصيل الطبيعة المرسومة بعناية الخالق.

المكان يترك بصمته الخاصة لأي متذوق للطبيعة البكر.. هنا الوقت الطبيعي لكل شيء تصور حتى التفكير…
الأفق تتخلله الغيوم وقطرات الماء البلوري علي لون الزرع يذكرني بوجه محب ازداد جمالا برؤية محبوبه.
ككل المناطق الآسرة يمر الوقت سريعا وآخذ قسطا من الراحة مع مواصلة الغوص مع كتابي الذي أخذتني الطبيعة عنه..
سننطلق في المساء إلي “أقرقار”، وهي المرة الأولي التي أزوره…سأتجه إلى “حاسي البركة” وأستمتع بليلة هادئة مع نسوة أخذنني لزمن “لشوار”..
تذكرت للحظة أنني منقطعة منذ أيام عن العالم، كأنني سافرت عبر الزمن…لست متصلة بالأنترنت، لا تلفزيون، الوقت مشغول بتفاصيل الرحلة المغرية أكثر وأكثر…يتواصل الحديث بين “النحايا” تحت ضوء القمر ونسيم عليل ينسينا كل أيام خلناها حزينة.
التفاصيل مغرية بالكثير ولكن مرة أخرى أكرر في نفسي علي الذهاب ولكن قبل ذلك،علي المرور بـ”إريجي اسويگية”، حيث الماء الجاري بين الصخور… لو غسلت منه رجليك لتصوفت.
الطريق ليست سالكة ولكنها تخترق النفس اختراقا، الأرض لبست لونها الأخضر اللامع والساكنة تتلقاك وكأنك حبيب راجع من سفر بعيد.
كانت المحطة الأقل زمنا والأكثر عمقا!

رجعنا آخذين معنا زاد النفس المثقلة…مواصلين نحو مدينة “لعيون”، بدأت السماء تأذن بمطر وشيك:
ؤيركب نو اكبير امرح * والبراگه تحته ردف
ألي إكول أن النو اصلح * وألي إكول أن النو أصف.
سيجعلنا ذلك نقرر المضي باتجاه “تمبدغة”، ولكن ذلك القرار سيجعلنا نعيش ليلة ممطرة صعبة، في كل مرة علينا اختبار عمق المياه لتجاوز الصالات علي طول الطريق، بين ذلك وذلك نتوقف ونتبادل النّكات علي وقع ردّات لديمي “في لبياظ”:
ثقل لحزيم أوذي اتجد// لحزيم الگاطع مول
مثقل عوداني ماانگد // مول لحزيم انگول.

ستغرق حقيبتي بكل مافيها بالماء ولا نستطيع كبحه ويصلنا مؤذنا بليلة باردة لم نجعلها في الحسبان، ولكنها كانت من مواقف الإثارة في الرحلة خاصة في تلك الفترة المميزة.
نصل متأخرين مرهقين مبللين في ليلة مقمرة أيضا، تستقبلها “أم العباس” بكل كرم وطيبة أهل “اتنيبة”، وتصر أن أمضي ليلتي في المنزل وأن لا أبرح المكان كأنها أحست حالي، ولكن قبل أن أنام علي إخراج كل شيء.
لأول مرة منذ أيام لا أستيقظ باكرا، الساعة تشير للثامنة وهو وقت الرجوع، خرجت رفقة زملاء نحو “الكركار” وقد ألبسه سبحانه حلة بديعة، هنا حكايات قوم لم يندثروا، من هنا مر آخر الرجال الشجعان، هنا مر أولاد امبارك.
قبل أن أغادر للبادية إذا بي أتمتم بشور “ألا احكم” من بقايا جنون اللحظات
ماني منت عمك
ولاگارجن دمْ
ألا احكم

ذ الدمعه التمشي
ماهي لك عن شي
“يلالك يان ألا احكم”.

أغادر بعد يوم مليء بالتفاصيل والكرم العفوي والأحاديث العابرة للزمن.
يبقى المميز في تمبدغة قدرتها علي جعلك تتخيل دائما أنك في استقبال ملَكي، غادرت ودمعي يسبقني ولولا الزمان لبقيت في المكان.
تنادينا مدينة “النعمة”،المدينة الهادئة الناطقة بحنين الماضي … ولكنني في كل مرة أجوب المكان أتجاوز المدن بحثا عن جمال أعماقها وثرائها…
لا أعرف لماذا اتجهت فورا لجبل “انگادي” لعله فضول الاكتشاف وتجربة تسلقه علني أتخيل كيف كان أولاد امبارك “يُروِّحون” عرائسهم عليه وكيف ألهم الأمير الكفية ولد بوسيف رحمه الله.
“گلب انكادي وانواو دار @ دارو فالكلب ألِّي اندارْ…”
كان الوقت غروبا وكنت أسابق الزمن علني أفلح في الوصول إلى السفح .. وحين تحقق لي ذلك، إذا بضحكة تخرج عنوة كأنها تترجم بعض تفاصيل أحسستها وأنا ما أزال في الأسفل.

بدأ العد التنازلي لأيام مرت سريعة وتركت التفكير في أعماق النعمة.. وما إن حل الليل وبالتحديد في “بكر ماصلّ”، كنا في ضيافة زملاء غادرونا مع الزمن ولكنهم لم يغيروا، أهدتني المدينة فرحا خاصا ارتبط بها وأنسا لمسته وأنا أتمشى بين جنباتها ونفسي الهائمة المسائلة الشغوفة بالأسئلة، ثم ماذا بعد؟
في الصباح الباكر أعود لعادتي التي سترافقني فيها هذه المرة إحدى فتيات الحي وسأهدبها نصيحة لا أعرف إن كانت ستذكرها.. تكفيني ضكحتها الصامتة كي أعرف وقعها في نفسها..
أمضي بعدها لمنفى “انوفَّل”، الذي أبقي لنا أثرا تراثيا عظيما حين عزف لنا مشيه، فكان ذلك المشي الأسطورة رأس جانبه هي أعذب وأعظم طرق “أزواننا”..
ومضيت بعدها مباشرة إلى”باسكنو”، صدقا لا يمكنني الحديث عن المدينة لأنني لم أكتشف معالمها…بعد اتصال هاتفي بأنه علينا الرجوع إلى”چگني”….
بدأنا الرحلة في الزوال.. سحرنا الطريق، وأكملت الكتاب، وبدأت في الكتاب الثاني أيضا “انتظار الماضي”، لا أعرف لماذا تبدو كلمات الكاتب أحمد ولد إسلم رقيقة للسفر لعل السحر يجمعهما.
سآخذ جولة صباحية في كل من “اغليك الشيخ الحسين” و”اغليك محمد الجيد” ضواحي المدينة حيث استسلمت لانغماس أحذيتي في الطين.
هنا يلقتي الماء والخضراء كوجه من أحسن أوجه الطبيعة يجعلك تتساءل كيف لمن يبحث عن الجمال وعن الكمال أن لا ينغرس في هذه الربوع، كيف لا نبحث عن ذواتنا ونحب اختلافنا تماما كانعكاس طبيعي لعبقرية صنع هذا الكون.
ستسكنني الأماكن أكثر من غيرها وأغادر بكل شوق المحبين…
اختبرت تجاوز الحجارة المرصوصة في مجاري المياه كأنني أجرب لعبة البهلوان بدون قواعد.
أغادر لمحطتي الأخيرة “مدبوگو” التابعة ل “كوبني”، فلم يعد الوقت يسمح لغيرها…كان هدفي الأول اكتشاف “الصوگ” (السوق المحلي للساكنة وله يوم محدد حسب جدول الأسواق)، أعرف تماما أنه لم يعد بشكله العادي، ولكن يكفيني اكتشاف تفاصيل تشكيله.
وصلنا مساءً كوبني الصاخبة وتوقفنا عند المستشفى، (كان أحدنا مصابا بسعال شديد)، لنجد أمامنا رجلا من الفلان يبحث عن من يوصله إلى”اگميميم”، ولا نعرف كيف استطعنا التفاهم ولكنه الإلهام والقدر أن نلتقي كي نوصله
ويوصلنا…بعد تبادل للتحايا بدأنا الطريق وهي طريق مفتوحة بالكاد تجد فيها ساكنة.. توقفنا في الطريق لصلاة المغرب وبالتحديد عند “أگرج أهل يباوة”.. وجدت امرأة دعت لي كثيرا، وقالت لي بكل عفوية “الزين يبغي ش زين”، كانت صادقة ولا مستني وبالكاد جلسنا نتحدث عن “منمن بنت لكويري” المرأة الحديدية التي خلدها المكان.
سنواصل حتى نصل “مدبوگو”، كأني أحس أنني أريد العشاء ب “باسي” فأحضروه وأحضر اللبن والشاي وبدأ السؤال المعتاد “ما الذي جاء بكم”….يأخذ الحديث مجرى آخر عن السوق وتفاصيل سقاية المياه والمدرسة…كان حديثا وديا بسيطا صادقا، لحظات مختطفة من الزمن للاستماع للبسطاء في أقصى نقطة من الوطن.
في الصباح ذهبت إلي حيث “الصوگ”.. ذهبت وحدي وتركت حقيبتي حيث كنت…انشغلت في تأمل وضع البضائع واختلافها، بل واختلاف مروجيها…
هنا الموريتانيون (العرب والفلان) والماليون (الأعجام)…فكرت في أخذ غرضين فقط…عقد تقليدي للوالدة و لثام من “توبيت” للوالد، أخذ المروجون في التزايد وأخذ الناس يأتون من كل مكان…وجدت سيدة قادمة من “چگني” وما إن ذكرت لها أنني قادمة منها حتي أهدتني خاتما و”حبّسته” علي.. كانت سيدة أربعينية تشي قسماتها بنبل وعزة مع ظروف عودتها علي التعايش معهم.
وما إن امتلأ المكان صخبا وجلت به وبتفاصيله حتى غادرته وطبع معي المشهد.
رجعت إلى حيث كنت وبدأت رحلة العودة التي فتحت شغفا من نوع آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى